الثورة- رنا بدري سلوم:
في فلسطين تحمل الأم ابنها مرتين، مرة عند الحمل ومرة عند الشهادة، وكلاهما ولادة، هذا مبدأ الأمهات المناضلات اللواتي بلغن المئات اليوم، ثكالى فقدن أطفالهن تحت قصف الكيان الصهيوني رداً على “طوفان الأقصى”، أطفال رضّع عزّل استهدفوا في منازلهم الآمنة ليثبت الكيان الغاشم من خلال ارتكابه المجازر في حق الأطفال والنساء والكهول وسط صمت دولي على جرائمه النكراء أنه الأبشع في تاريخ البشرية جمعاء.
في المقابل هناك أطفال تحت القصف شاهدناهم على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي يصورونهم الأهالي عبر جوالاتهم، لا يهابون الموت ولا رصاص العدو وصواريخهم الثقيلة والفوسفور الأبيض، يصرّون أن يكملوا حياتهم دون خوف من صواريخ تمطر الموت في كل جهة، الطفلة ليان ابنة الثلاث سنوات صورة مثلى للكثير من أبناء جيلها، تصدّرت ليان مواقع التواصل وهي تصّر أن تشتري الحلوى وتقول لوالدها لا نخاف من طيارات العدو لا نخاف لأن الله معنا دائماً والأرض لنا.
مئات الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون في سوريّة العروبة شربوا حبّ هذه الأرض، رضعوا انتماءهم لها من ثدي الأمل بالعودة إليها، أنشدوا لشاعر الطفولة سليمان العيسى “فلسطين داري ودربُ انتصاري” وهم اليوم يغنّون لفلسطين ويرتدون الكوفيّة الفلسطينية وقلوبهم وعيونهم ترنو إلى القدس الشريف، يتألّمون على نزف أطفال غزّة اليوم ألحان الدم، كيف يغرقون في دمائهم تحت قصف غاشم، محتل، يسرق الطفولة والبراءة والحياة، وفي ذات الوقت قد علّمت المقاومة اليوم وأذاقت عدوّها ما تجرعناه خلال احتلال الكيان الصهيوني على مدى أعوام، من مرارة الموت والألم والحرمان.
ستبقى ملائكة فلسطين أرواح هذه الأرض وحرّاسها ليقولوا للعالم إن الأرض لنا وأنتم العابرون، وسوف لن ينسى التاريخ أطفالاً تجاوزوا المئات وقابل العدد للارتفاع في ظل ما يرتكبه أعداء الإنسانية من جرائم لا إنسانية ولا أخلاقية، فالأطفال الفلسطينيين في كل بقعة من بقاع العالم يعرفون دربهم ويتمنّون العودة إلى شعبهم وبيت أجدادهم إلى فلسطين الأبية فكل ليمونة فيها “ستنجب طفلاً ومحال أن ينتهي الليمون”.