من رحم الأعاصير

الملحق الثقافي-رجاء شعبان:
الحياة إبداع والمواجهة فن الحفاظ على الحياة في حياةٍ مبدعة.
لم يلد الإبداع يوماً إلا من رحم الأعاصير ولم يصرخ صرخته الأولى إلا بالمواجهة… فما هي المواجهة إلا لحظة حاسمة وفارقة للحياة ما بين تحدّي انهزام وقيام وهي على مفترق طرق واتجاه… الإبداع لن يعيش فقط في سهول الاستقرار ويبتعد عن تغيّرات الزمن وتحوّلات المواسم.. الإبداع كان ويبقى قائد العملية الحياتيّة التفاعليّة المبدعة! ولولا الإبداع لبقيت العناصر عناصر وربمّا تحوّلت بكلّيتها إلى جماد وبقيت خامة يخافها الإنسان ولا يستفيد منها… وربّما حوّلها لصنمٍ يعبده ويقدّم له القرابينَ إرضاءً ورهبةً وبالتالي تحوّل هذا الكائن الإنسان إلى عبد للطبيعة ولأوهام نفسه فتخلّى دون أن يعلم عن كينونة وماهية الإنسان الحيّ القويّ المتحكّم العاقل المتفاعل مع مَن حوله دون سطو أو اقتتال لمفاهيم ومعاني الحياة به وحوله ومَن معه.
الإبداع يكون مخفيّاً بنا، بِجيناتنا وينمو معنا، فإمّا أن نظهره وإمّا أن نبقيه مخفيّاً يتحوّل إلى وحشٍ بداخلنا يكبر وحده دون إرادتنا وخارج سيطرتنا وتحكّمنا ليرعبنا وليقتلنا بعد أن نحاول كبته وبتره وعدم ظهوره.
كلّنا بالمطلق مبدعون.. كلّ الحياة مبدعة.. كلّ الكائنات مبدعة، حتى الخامات والجمادات مبدعة، لو طرقنا بها لمستنا ونفخنا بها من روح لمساتنا وأعمالنا المبدعة وإبداعنا المبتدع.. سيغدو كلّ شيء لوحة ناطقة وكائن ناطق ومبدع من نوع آخر إذا استلّ هذا الكائن الإنسان خليفة المبدع الأوّل والبديع الخالق، الله الذي تبارك وخلق كائنين ومبدعين فكان مشرفاً عليهم ومبدعاً بهم ولهم ولغيرهم يقودون الحياة بكل مفاصلها وشتّى أنواعها وألوانها..
الإبداع كان وسيبقى في خندق المواجهة منذ صرخة الأم وهي تلد بكل هندسة الحياة وترجمتها لتقدّم لنا من صراخها ومواجهتها لألمها ووقوفها على شفير الفاصل بين الموت والحياة… مولود الإبداع في الكون…. فالكون عمليّة خلق إبداعيّة والإنسان تحفته الأبديّة على الإرض والكائن المبدع بكل مجال فنّه واختصاصه وميوله وعمله، هو المبدع لفسيفساء الحياة… أما المبدع الحقّ الذي نتكلّم عنه هنا هو الذي يقود المجالات بناحية فنيّة أو أدبيّة أو ثقافيّة أو مهنيّة أو هندسيّة أو طبيّة أو علميّة وعملياتيّة حربيّة أم سلميّة قتاليّة أم دينيّة مسالمة…
كلّنا مبدعون ولن نتوقّف عن الإبداع إلا إذا استسلمنا للفكر الجاهل الذي ينفي الحياة ويغيّر المفاهيم من إيجابيّة إلى سلبيّة ويقضي ويقتل كل برعم تفاؤل ونبض ومحاولة تقديم شيء مهما كبر أو صَغُر للحياة…
والحياة تجدّد والحياة إبداع… والإنسان حيّ، والإنسان مبدع والمبدع بديع.
والسلام على مَن نطق بلسان الإبداع… ذاك الخالد المخلّد بالحياة وللحياة. نحن لن نعرف طريق الحياة وسبلها بدون مبدعين يقودون حياتنا ويوجّهون أنظارنا لخير الحياة وجمالها وجلالها من دون خوف أو رهبة أو انكفاء أو استسلام… من دون رهق أو تراجع أو سلبيّة أو انهزام….
بالإبداع ومع المبدعين نقود أنفسنا إلى حيث نبض الكون والوجود يحيا من تحت أعماق الأرض…
فلا تستسلم.. لا تنهزم
قم يا أخي تحمّم من الحمم
واحترق والتهب..
لتقدّم للحياة قربان المجد..
لتكون أنت الوجود وليس الشقي الممتحن
قم يا أخي اقلب المعادلات وامشق سيفك
وانتفض…
حيث نبض كيان…
وإبداع جنون…
يتخطّى العاقل، المقلَّد الممحون
إلى موسيقى وكتابة وفنون
قم حطّم تلك السلاسل
واخرج من هذي السجون
حيث الوقت حرية وإبداع
حيث حقول وكرمة وكروم
قم عرّش على ياسمين العطر
وأثْمِرْ بهدوء كما ذاك الليمون 
                      

العدد 1163 –  17-10-2023

آخر الأخبار
انطلاق سوق "رمضان الخير" في دمشق لتوفير المنتجات بأسعار مخفضة المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة" تفقد واقع عمل مديريات "التجارة الداخلية" في اللاذقية خسارة ثالثة على التوالي لميلان تكثيف الرقابة التموينية بطرطوس.. ومعارض بأسعار مخفضة برشلونة يستعيد صدارة الليغا باحث اقتصادي لـ"الثورة": لا نملك صناعة حقيقية وأولوية النهوض للتكنولوجيا شغل (الحرامات).. مبادرة لمجموعة (سما) تحويل المخلفات إلى ذهب زراعي.. الزراعة العضوية مبادرة فردية ناجحة دين ودنيا.. الشيخ العباس لـ"الثورة": الكفالة حسب حاجة المكفول الخصخصة إلى أين؟ محلل اقتصادي لـ"الثورة": مرتبطة بشكل الاقتصاد القادم المخرج نبيل المالح يُخربش بأعماله على جدران الحياة "الابن السيئ" فيلم وثائقي جسّد حكاية وطن استبيح لعقود دورة النصر السلوية.. ناشئو الأهلي أولاً والناشئات للنهائي كرة اليد بين أخطاء الماضي والانطلاقة المستقبلية سلتنا تحافظ على تصنيفها دولياً الأخضر السعودي يخسر كأس آسيا للشباب دوبلانتيس يُحطّم رقمه القياس رعاية طبية وعمليات جراحية مجاناً.. "الصحة" تطلق حملة "أم الشهيد"