يمن سليمان عباس:
منذ أن كان التفكير الوجودي كان السؤال المطروح دائما: ما معنى الحياة.. وإلى أين تمضي بنا.. وكيف نعيشها.. وهل استطعنا أن نخرج من براثن مشاكلها..؟
أسئلة قلقة جداً حاول الإنسان الإجابة عليها بشكل مباشر أو غير مباشر.. تارة بالفن وتارة أخرى بالعمل والفكر.. ومع ذلك ظل لكل إنسان أسئلته الكبرى التي تحفر مجراها عميقاً لاسيما في مرحلة الشباب والتوثب والقدرة على البحث..
علم النفس حاول أن يتغلغل في خبايا النفس ليكشف ما فيها من ألق وأرق الحياة.
وصدرت عشرات الكتب المهمة في هذا المجال منها ما يجمع علوماً شتى كما فعل آلان دو بوتون في كتابه كتاب معنى الحياة الذي صدر عن دار التنوير، وفيه يحاول الكاتب أن يعالج فيه قضية من أهم القضايا والمشاكل التي تؤرق شباب اليوم مؤخراً، كما تقول أسماء لحميدي في تحليلها للكتاب إذ ترى أن الكثيرين منا لم يعودوا يتذوقون معنى الحياة ومغزاها، و أصبحنا لا ندري كيف نعيشها، و ما الطريقة السليمة الناجعة للتعامل مع مطبَّات الحياة ومشاكلها، كيف نواجهها أو نخرج منها دون المساس بسلامنا وصحتنا النفسية، لم نعد نقيم ما نملك من نِعم، وقد يبدو التأمل في معنى الحياة بالنسبة الينا أمراً سخيفاً، عديم النفع، أو مرهقاً.
الحقيقة:
إن طرحنا هذا السؤال على أنفسنا مهم جداً كي نستطيع أن نُعرّف الوجود أكثر؟..
يجبينا الان دوبوتون عن هذا السؤال بالتفصيل، معتمداً على أهم المنابع الأساسية للحصول على حياة ذات معنى: الحب، الأسرة، الصداقة، العمل، الطبيعة ومعرفة الذات، هي ميادين تعيننا على جعل الحياة أكثر إشباعاً إن نحن أدركنا مفهومها ومحتواها الجذري وأحسنَّا استغلالها استغلالاً يسير بنا نحو فهم ماهية الحياة ومغزاها، والطريق نحو الإجابة عن هذا السؤال يتطلب منا بالضرورة الفهم العميق لذواتنا كما يقول الكاتب “علينا أيضاً قبول أن قسماً كبيراً من حقيقة ذواتنا لن يكون سهل الفهم، وسوف يقابله بعض من أعمق ما يشغل بالنا بعجز عن فهمه أو بضجر أو خوف منه “، يتطلب منا أيضاً مواجهة تلك الأفكار التي لاطالما حاولنا قمعها أو ذفنها وسط مشاغلنا عن قصد، هي أفكار قد.. أو غالباً ما تكون السبب الرئيسي في تعاستنا و وتشتُّتنا الذهني، ولابأس بقليل من القلق الإيجابي الضروري المنبثق من الإقرار بأن فرصاً كثيرة لا تزال امامنا بأن الوضع الراهن لابد من تغييره، كتاب يعيد هيكلة افكارك، يرتبها ويُغيِّرُ البعض منها، يجعلك تعيد النظر في طريقة تعاملك مع الحياة، ويذكرك بأنه ليس من مقدورنا أن نصل دفعة واحدة أو نغير ذواتنا دون أن نغفر لها ما ارتكبت من أخطاء وزلات أو أن لا نحملها عبء ما تتعرض له من سلبيات، فمن الضروري والمُسلَّمات أن تمر من مرحلة الخطأ والتشتت والانفعال لتستقر بعد ذلك.
وهنا نشير إلى أن مثل هذه الأسئلة الحائرة كان الإبداع العربي قد طرحها منذ أن قال الشاعر الجاهلي: ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر..
وقال نقيضه الآخر؛ أن الحياة عقيدة وجهاد..
ويختم الأسئلة إيليا أبو ماضي بقصيدته الطلاسم التي طرحت كل ما جاء في الكتاب بأسئلة كبرى مازالت معلقة.

التالي