الثورة – أيمن الحرفي:
نظم الشعراء أجمل المعاني والمفردات الصادقة عن نبع المحبة والحنان ، ومصدر الأمان والدفء والعطاء ، ومدرسة الحياة على مر الزمان.
الأم الفلسطينية تحملت ألم الحمل والولادة ، وأرضعت أولادها حب الأرض والتمسك بها، وصبرت على شظف العيش في ظل تنكيل العدو الصهيوني وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني في مجازر لا تنتهي، وكل همها أن يسعد أبناؤها الذين مهما كبروا فهم في عيونها أطفال صغار . و هي كل يوم تزرع في الأرض العربية الأبطال الشهداء عنوان العزة والكرامة ، و ابنها الشهيد يقول لها مودعا: “أمي يا صديقة الأيام و رفيقة الأحلام… اسألوا دمي.. و شراييني .. هي سعادتي .. هي حامل همي .. هي باب توفيقي وعنوان صفاتي وشمائلي .. هي الدعاء في صلاتي .. هي الدموع في سجودي .. يا قلبا أعشق دنياه … يا حبا لا يمل من عشقه ..”
أم الشهيد هي خلاصة العطاء والإخلاص هي الروح والنفس والعمر.. وإن كنت انا كاتب هذه الكلمات أتغنى وأنشد لها أجمل الكلمات فلقد سبقني الشعراء في نظم أجمل الأبيات والقوافي عنها : فهذا نزار قباني ينشد:
صباح الخير يا حلوة.. صباح الخير يا قديستي الحلوة .. مضى عامان يا أمي على الولد الذي أبحر برحلته الخرافية .. وخبأ في ملابسه طرابينا من النعناع والزعتر …”
كانت الأم ولا زالت عبر التاريخ صاحبة المكانة المرموقة والموقع المميز ، فهي المربية الأولى تتعهد أبناءها أطفالا وترعاهم صبيانا و تزودهم بالعلم والمعرفة و الخبرة ، و لا يخفى أن الأم الفلسطينية تضيف على تلك الصفات أنها تبني شبابا هم فخر الأمة و سند الوطن ليبقى شامخا قويا عصيا على الصهاينة، ترضعهم تاريخ وطنهم و تراثه مع تلقينه تقديس الوطن وترابه، فيصبح مدافعا عن حياضه مستعدا للشهادة، كيف لا والشاب الفلسطيني رضع من ثديي أمه لبن العزة والكرامة والمجد .
هذه هي الأم الفلسطينية، و لا تخلو أم من الأمهات من شهيد او عدد من الأبناء الشهداء ومع كل خبر بشهادة ابنها تزغرد فرحة بأنها ربت فأحسنت التربية، لقنتهم معنى الشهادة فجسدوها بطولة و فخرا وعزا فكانوا أسودا في وجه الأعداء.
تحية للأم الفلسطينية … أم الشهداء .. مدرسة التضحيات .. عنوان الفخار ودفء الأيام القادمة بالنصر العظيم .
هذه هي الأم الفلسطينية العظيمة التي تهز السرير بيمينها و تهز أركان العدو الصهيوني بيسارها.
و لقد وقف الشعراء والكتاب والأدباء تحت خمائل شجرة الأم ينشدون ويكتبون و ينثرون كلماتهم عن هذه الأم الفلسطينية تلك الأرض الطيبة التي تلد أسودا وقادة وعظماء وعلماء وفلاسفة ومفكرين وأبطال وشهداء صنعوا الحضارة ورسموا المستقبل وخطوا التاريخ بأحرف من ذهب ونور ، فهذا حافظ إبراهيم ينشد :
الأم مدرسة اذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق..
الأم أستاذ الأساتذة الألى
شغلت مآثرهم مدى الآفاق، هذه هي الخنساء الفلسطينية تخاطب أبناءها الأربعة اليوم في غزة عندما سمعت نبأ استشهادهم:(الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم ) تقول ذلك رافعة رأسها ليبلغ عنان السماء فخرا و عزا ومجدا وهي تسمع نبأ الشهادة .
تحية لكل أمهات وطننا ..تحية من الأم السورية، وهي الخنساء أيضا ترسل لشقيقتها الأم الفلسطينية أسمى آيات الصمود.. لكل أم ودعت ابنها شهيدا في سبيل الدفاع عن الوطن، تناضل في أقسى الظروف و أصعبها و تشجع أبناءها على التضحية و العطاء.
