الثورة- حوار عمار النعمة:
دأبت الهيئة العامة السورية للكتاب على تقديم كل ماهو جديد ومتميز سواء على مستوى الكتب بمختلف صنوف الإبداع أو على مستوى الترجمة حيث لم تألُ جهداً في إنتاج العديد من الكتب المترجمة ذات المحتوى والمضمون اللافت والممتع.
وللإنصاف تسعى الهيئة دائماً إلى تحسين جودة الكتاب ووصوله إلى أوسع شريحة ممكنة وخاصة من خلال مشاركاتها الغنية في المعارض التي تقام في مختلف المحافظات السورية.
«الثورة» التقت د.نايف الياسين مدير الهيئة العامة السورية للكتاب لتقلب معه بعض الصفحات ولنقف على عمل الهيئة وأهم ما تم إنجازه خلال هذا العام فكان اللقاء التالي:
• لاشك أن للترجمة أهمية كبيرة للتواصل بين الحضارات، ماذا أضافت الندوة التي عقدتها وزارة الثقافة حول اليوم العالمي للترجمة؟
•• من المؤكد أن الترجمة مكوِّن جوهري في التفاعل الفكري والحضاري بين الأمم والثقافات المختلفة وفي المحافظة على الوشائج التي تتيح توفُّر الإنتاج الأدبي والعلمي في أمة ما لأمم أخرى.
اختارت ندوة الترجمة التي أقامتها الهيئة العامة السورية للكتاب هذا العام، بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب، والمعهد العالي للترجمة والترجمة الفورية، ومجمع اللغة العربية، واتحاد الناشرين السوريين، موضوع «أثر الترجمة في الحركة الأدبية والفنية في العصر الحديث» للتذكير بالدور المحوري الذي لعبته الترجمة في بدايات النهضة العربية، فالترجمة هي التي عرّفت العرب على أنواع أدبية جديدة، مثل المسرح والرواية، وهي التي عرّفت جمهور القراء العرب على المفاهيم الفكرية، والفلسفية والنقدية، السائدة في الغرب حينذاك، وهذا مكَّن المفكرين والكتاب العرب، على مختلف انشغالاتهم، إما من استعارة مناهج وأدوات البحث العلمي لتطبيقها على مجتمعهم وثقافتهم، أو نسج أعمال شبيهة بما يترجم من اللغات الأجنبية، والهدف من هذا التذكير هو اجتذاب المزيد من الاهتمام بالترجمة بصفتها نشاطاً فكرياً وعلمياً يساعد في مواكبة التقدم العلمي والفكري العالمي.
وهذا لا ينتقص من قيمة وأهمية الثقافة واللغة العربية، بل يثريهما ويحافظ على تجددهما، ويحفز على مواجهة التحدي الدائم المتمثل في التجديد والتحديث والقدرة على التأثير.
فالحضارة الصينية الحديثة اعتمدت كثيراً على الترجمة في نهضتها بعد قرون من الركود.
والحضارة اليابانية الحديثة أيضاً بنت تقدمها على ترجمة مئات آلاف الكتب في مجالات العلوم والفكر المختلفة.
• هل برأيك يتم التركيز على الترجمة هذه الأيام؟
•• لايمكن فصل الاهتمام بالترجمة والنشاط الترجمي عن الاهتمام بالثقافة والفكر والأدب عامة، وحال هذا الاهتمام في بلدنا، كما في العالم العربي إجمالاً، ليست مُرضية، والأسباب كثيرة، وتختلف من بلد إلى بلد.
وإذا ما أخذنا في الحسبان ما يُنتَج من كتب علمية وفكرية وأدبية في العالم، وما يترجم منها إلى العربية، نجد أن هذا الاهتمام ضئيل جداً فما تترجمه جميع الدول العربية لا يتجاوز نسبة صغيرة مما تترجمه دول أوروبية متواضعة، مثل اليونان أو هنغاريا.
لكننا في الهيئة العامة السورية للكتاب نولي الترجمة اهتماماً كبيراً، ضمن الإمكانات المتاحة، ونحرص على أن يكون محتوى الأعمال التي ننشرها على درجة عالية من الجودة. يقال إن هناك ترجمة من اللغات الشرقية وهذا عمل أنتم تعملون عليه.
• ماذا قدمتم وإلى أين وصلتم؟
•• من المؤكد أن الترجمة من اللغات الشرقية مهمة أيضاً لأن الأعمال المنشورة بتلك اللغات توفر منظوراً مختلفاً من المفيد أن يطلع القارئ العربي عليه.
ولا ريب أن ثمة كتباً مهمة تصدر باللغتين الصينية واليابانية، على سبيل المثال. لكن للأسف، لا يتوافر في سورية، على حد علمنا، مترجمون جيدون من تلك اللغات؛ ولذلك نلجأ أحياناً إلى الترجمة عن لغة وسيطة، من تلك اللغات حصراً.
• ما هي أهم الكتب التي أنتجتها الهيئة لهذا العام وما صداها برأيكم؟
•• معظم الكتب التي نشرتها الهيئة هذا العام جيدة، ولا سيما الكتب المترجمة، وبالنظر إلى أن منشورات الهيئة باتت تشارك في المعارض العربية، من خلال وكيل، فإننا نجد أن ثمة إقبالاً جيداً على كتب الهيئة من قبل القراء العرب.
ونتلقى أحياناً رسائل من قراء عرب يسألون عن كتب بعينها، الأمر الذي يعد مؤشراً على الصدى الطيب الذي تلقاه منشورات الهيئة.
كما أن كتب ومجلات الأطفال التي تنشرها الهيئة تحظى بإقبال كبير، داخل سورية وخارجها.
• أين هو الكتاب اليوم في ظل تواجد وسائل التواصل الاجتماعي وتأثير الحرب أيضاً؟
•• لايزال الكتاب مصدراً معرفياً مهماً، رغم كل الظروف، ورغم المنافسة التي يخوضها مع وسائل التواصل الاجتماعي، لكن من المؤكد أن وجود هذه الوسائل يشكل تحدياً؛ فالقارئ أصبح أكثر ثقافة ووعياً وأكثر تطلباً؛ ومن ثم ينبغي أن يحتوي الكتاب قيمة مضافة لا يجدها القارئ في الوسائل المتاحة بسهولة.
كما أن هذه المنافسة تفرض على الكتاب تحديات جديدة من حيث الشكل والمحتوى، وفي بعض الحالات تشكل وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة مناسبة لإيصال الكتاب، فهذه الوسائل مفيدة لمن يحسن استخدامها، ويعي مخاطرها، ويميّز بين غثها وسمينها.
• مع اقتراب العام إلى نهايته ماذا قدمت الهيئة العامة السورية للكتاب من إنجازات تختلف عن العام السابق؟
•• حسّنت الهيئة من نوعية الكتب التي تنشرها، من خلال اختيار الكتب التي ترتقي بفكر وذائقة القارئ، واستبعاد الكتب التي لا تضيف قيمة معرفية وجمالية، وأجرت بعض التحسينات على شكل ومحتوى مجلتي «المعرفة» و«جسور ثقافية»، ورفعت من وتيرة مشاركة كتابها في المعارض العربية، وحسّنت توزيع كتاب الهيئة داخلياً من خلال افتتاح نافذة بيع كتب مباشرة في مقر الهيئة، إضافة إلى عمليات التوزيع وإقامة المعارض المعتادة.
• ما هي الخطة المستقبلية لكم في الهيئة السورية العامة للكتاب؟
•• أن نستمر في تحسين جودة كتاب الهيئة من خلال تكليف أفضل الكتاب والمترجمين بالعمل على كتب الهيئة، ورفع كفاءة استخدامنا لمواردنا البشرية والمادية المتاحة، والعمل على وصول الكتاب إلى أوسع شريحة ممكنة من القراء.