الثورة – لينا إسماعيل:
بعد انخفاض نسبي في أسعار المواد الغذائية، الذي شهدته الأسواق خلال الأشهر الماضية، تواجه الأسرة السورية مجدداً، تحدياً مريراً في التخلي عن أبسط مستلزمات موائدها، وهي تشهد تقشفاً جائراً بحكم لهيب أسعار الفواكه والخضار والمواد الغذائية عموماً، وهو متصاعد بشكل شبه يومي، تارة بحجة ارتفاع الدولار الذي لم يتم الاعتراف به سبباً لانخفاض الأسعار بشكل حقيقي، عندما انخفضت قيمة صرفه مقابل الليرة السورية، لكنه في حال ارتفاع قيمة صرفه يصبح سبباً دامغاً لارتفاع الأسعار، وتارة بحجة أكثر إقناعاً مفادها موجة الحر الشديد الذي شهدته المنطقة خلال الأسبوع الماضي، وظاهرة الجفاف عموماً التي ألقت بظلالها على الموسم الزراعي.
وتلك الأسباب خلاصة إجابات عدد من الباعة الذين التقيناهم في سوق باب سريجة بوسط دمشق، ومن خلال الجولة الميدانية التي قامت بها “الثورة” لاستطلاع واقع الأسعار وحركة الشراء خاصة في هذه الفترة التي اعتاد السوريون فيها على إعداد مؤونة الشتاء القادم. فقد بلغ سعر كيلو الفليفلة الحمراء من 4 – 5 آلاف ليرة سورية بالكيس، كما بلغ سعر كيلو الباذنجان 2500 ليرة، وكيلو البندورة 5500 ليرة، والفاصولياء الخضراء 12 ألفاً، والملوخية 15000 ليرة، والبامية 15000 ليرة، وورق العنب من 30- 40 ألفاً، البصل يباع الكيلو بنحو 5000 ليرة والخيار وصل إلى 10000 ليرة. أما الفواكه فحدّث ولا حرج، فقد بلغ سعر كيلو الموز بحسب مصدره الإكوادوري 13 ألفاً، والهندي 10 آلاف للكيلو، والصومالي 17 ألفاً، وكذلك العنب تتراوح الأسعار ما بين 7000 و20000، والتين 13000، والتفاح سعر الكيلو 15000، والبرتقال 15000 أما سعر الفستق الحلبي في موسمه حالياً، فقد بلغ 100 ألف ليرة سورية.
أما بالنسبة للبنة فهي تتراوح ما بين 13000 ليرة لكيلو على البسطات ولدى الباعة الجوالة، و40000 ليرة في المحال، وكذلك بالنسبة للأجبان ما بين 25000 ليرة و45000. وخلال مجمل اللقاءات التي أجريناها مع المواطنين المتسوقين أجمعوا على أن هذه الأسعار الكاوية تفوق قدرة المواطن ذي الدخل المحدود بمراحل، ففي مثل هذه الأوقات اعتاد السوريون على تحضير مؤونة الشتاء من دبس الفليفلة، والمكدوس، ودبس البندورة، والمربيات، والمخللات، لكنهم في السنوات الأخيرة قننوا احتياجاتهم وغدت هذه المسميات من الرفاهية للأسف، ولفت العديد منهم إلى أن تفاوت الأسعار ظاهرة ملفتة فكل يبيع على هواه من دون وازع أو رداع، ما يتطلب إيجاد حلول جذرية تتمثل في ضبط للأسعار وإلزام البائعين بإعلانها للمستهلك عبر بطاقات ظاهرة على المواد، والبيع وفق فواتير نظامية، وخاصة أصحاب المحال، وضرورة وجود مراقبة تموينية بشكل دوري للتحقق من الأسعار والجودة وخاصة المواد الغذائية التي تحتمل الغش كالأجبان والألبان ودبس البندورة والزيوت والزعتر وغيرها. وفي الوقت الذي ناشد فيه المستهلكون الحكومة تخفيض أسعار المواد الغذائية والرقابة على الأسواق، عبر الباعة عن إحباطهم من خمود حركة البيع والشراء نتيجة عدم توفر السيولة خاصة في النصف الثاني من الشهر. بالمحصلة رغم تزايد المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي ورغم بلوغ القلوب الحناجر لدى السواد الأعظم إلا أنهم محكومون بالأمل من منطلق الانتماء للوطن بأن معالجة هذا الواقع لا تتطلب إلا تفعيل دور الرقابة التموينية وحماية المستهلك وتطبيق المحاسبة للحد من الاحتكار للسلع والمواد الغذائية والبيع المزاجي الذي يلعب فيه التجار الكبار دور البطولة السلبية ولمصلحتهم أولاً وأخيراً.
تصوير- فرحان الفاضل