الثورة- رنا بدري سلوم:
«اصبر يا ولد، أنت لاتزال على أعتاب عمرك وغداً وبعد غد سوف تشرق شمس جديدة، ألست تناضل الآن من أجل ذلك المستقبل ؟! سوف تفخر بأنكَ أنتَ الذي صنعته بأظافرك من الأول إلى الآخر»، ليست وحدها الأظافر من تحفر في الأرض شجرة غار وانتصار، بل ضحكة ودمعة في وجوه أطفال استهدفهم حقد الاحتلال الصهيوني، يستهدفهم بالصواريخ والأسلحة المدمّرة وهم يشربون وهم يهلعون للهرب بحثاً عن ملجأ وهم يلعبون في الحدائق وهم في أحضان أمهاتهم.
تراهم اليوم يكتبون أسماءهم على أيديهم كي يتعرّف عليهم ذووهم عند استشهادهم، فتخيل يا غسان هذا الجيل الذي يكتب بحبر دمه قضيته ويبتسم، هل ترجم المتشدّقون بالإنسانية والحريّة وحقوق الطفل قصص هذا الحبر الذي لا يضاهيه أي حبر، هل ترجم إلى لغات العالم وصيّة الطفلة الفلسطينية هيا التي كتبتها بعد أيام من الهلع والخوف تحت قصف الكيان الإسرائيلي الغاشم؟، هل قرؤوا كيف يقتلون الطفولة لينبت بدلاً منها مقاومون صامدون؟ ألم يتعلموا أن أطفال فلسطين لا يشبههم طفل في العالم.
ابتسم في عليائك يا غسان كنفاني فالطفلة هيا «لن ترتد حتى تزرع في الأرض جنتها أو تقتلع من السماء جنة أو تموت ويموتون معاً»، اليوم تستعد للموت، مثلها مثل الطفلة زينة وغيرها الكثير من الأطفال الذين يواجهون طلقة الموت بضحكة شجاعة وأصابع النصر مرفوعة وهم يقاومون جرحهم ونزفهم ويتمهم وعطشهم وجوعهم، وكيف نذكر الجوع ولا يمر أمام أعيننا طيف الطفل يوسف الذي استشهد جائعاً منتظراً طعامه المفضّل بندورة مقلاّة بعد انتظاره أمه لتحضر له البندورة التي يحب، الموت كان أسرع من أمه في إطعامه فاستشهد صائماً وحيداً، مئات الأطفال الفلسطينيين، هم اليوم شتلات غار، لا لغة قادرة أن تصيغ جرائم الاحتلال الإسرائيلي الذي يرتكب المجازر الجماعيّة البشعة بحق أرواحهم النقيّة، احتلال يتاجرُ بالدماء، يدفع المبالغ الطائلة لتضليل الحقائق والوقائع والأحداث أمام المجتمع الدولي، لكن لا يهم..
يبقى حبر دماء كل طفل فلسطيني مداداً لتاريخ يفخر أن فلسطين أنجبت من يواجهون الشّمس بقلوبهم القويّة وإشراقة ضحكتهم البريئة، كي لا ينسى من يشوّه التاريخ أنهم أبناء الشّمس وأحفادُ الحجارة.