الثورة – هفاف ميهوب:
يتكرّر سيناريو الحرب على فلسطين، وتحديداً على قطاع غزّة، فتتكرّر قصص نزيفها، ويتّسع عمق جراحها، مثلما غضب المقاومين والمدافعين عن أرضهم، ومواجهتهم للمحتلِ الذي اغتصب هذه الأرض، وشرّد وقتل أبناء شعبهم.
يتكرّر هذا السيناريو، وكذلك دور المواقف الدولية الصامتة، والعربية العاجزة.. يتكرّر أيضاً، جمودُ وجحود منظمات حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي، مثلما كذب وادّعاءات الإعلام المتصهين والمهيمن، على عالمٍ تاجر بالقضايا المصيرية، لصالح مصالحه ومكاسبه ووجوده المخزي.
يتكرّر كلّ ذلك، وتتكرّر معه الأيام المسكونة بالموت والدم والأشلاء.. تتكرّر صور المجازر والإبادات التي يرتكبها العدوّ الصهيوني، بحقّ أبناء الشعب الفلسطيني، ولاسيما النساء والأطفال الأبرياء..
مجدّداً يعاود المحتل حربه، ولا جديد إلا أن ما نراه اليوم على صفحات التواصل الاجتماعية، ورغم الحذف والتقييد الذي يُمارس على الصفحات والمواقع والمنشورات، التي تتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لإبادة مرعبة ولا إنسانية.. ما نراه اليوم على هذه الصفحات، يبيّن حجم النفاق والكذب الأميركي والأوروبي والإسرائيلي، بل أوهامهم التي جعلت من الديمقراطية سلاحاً لقتل الشعوب، بشكلٍ بربريّ.
يبيّن أيضاً، مقدار اتّساع وتطوّر المواجهة والمقاومة الفلسطينية، مثلما دائرة الغضب من ممارسات العدوّ الإجرامية، وليس فقط لدى شعوبنا، بل ولدى شعوب العالم بأكمله.. أيضاً، ليس فقط لدى الإنسان العادي، بل والفنان والرسام والكاتب والشاعر والمترجم والرياضي والحاكم والسياسي والإعلامي.
الأدلة كثيرة، ووسائل الإعلام الباحثة عن الحقيقة تشهد، مثلما وسائل التواصل التي دلّت, على اختيارِ كُثرٌ من مشاهير العالم الغربي للإنسانية.. المشاهير في كلّ المجالات، وممن لهم تأثير كبير على الرأي العام الغربي، كذاك التأثير الذي تركه الإعلامي والممثل الأميركي “جاكسون هينكل” الذي واكب الحرب منذ بدايتها، وكشف حقيقة ما يحصل في غزة، وأكاذيب كلّ الإعلام المنحاز للصهيونية.
“هينكل” الذي لم يتوقف ورغم قيام الصهاينة بحذف كلّ حساباته، عن توثيق وإدانة مجازرهم وكذب أبواقهم، مثلما استقطاب الملايين ممن باتوا يتسابقون لمتابعته على التويتر، وممن قاموا وبعد متابعته، بالتضامن مع أهل غزّة، وإدانة وفضح الموقف المخزي لقادتهم وإعلامهم.
أيضاً، قام أكثر من خمسين فناناً من هوليوود، بمطالبة الرئيس الأميركي “بايدن” بإيقاف الحرب على غزة، وذلك ضمن رسالة قالوا في نهايتها:
“نصف سكان غزة، البالغ عددهم مليوني نسمة من الأطفال، وأكثر من ثلثيهم من اللاجئين، وأحفادهم الذين أجبروا على الفرار من منازلهم، ويجب السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إليهم.
نرفض أن نروي للأجيال القادمة قصة صمتنا، ووقوفنا مكتوفي الأيدي دون أن نفعل شيئًا، وكما قال رئيس الإغاثة الطارئة مارتن غريفيث، فإن “التاريخ يراقب”.
كلّ هذا وأكثر، وإن أدركه العالم متأخراً، وكان ثمنه اتّساع ذاكرة النزيف الفلسطيني، إلا أنه يؤكد بأن الحقّ لابدّ منتصر، والحقيقة لابدّ أن تنتشر، وهو ما يحصل اليوم، حيث يزداد الغضب العالمي على إسرائيل وجرائمها، ويزداد مع هذا الغضب، الأمل بزوالها وإحالتها إلى مذبلة التاريخ، لتبقى الأجيال تلعنها وتعرّي حقيقتها ووجودها.
