الانتماء في الإبداع ليس ترفاً

الملحق الثقافي- رفاه الدروبي:
يلعب الانتماء دوراً كبيراً على مستوى الإبداع، وتوحيد الاتجاهات سواء الكاتب أو الفنان أو الموسيقي والفنان التشكيلي، ويكون له أوجه عديدة منها الانتماء للأسرة أو المجتمع وغيرها.
فالانتماء ليس ترفاً، بل التزام بين أفراد ومجتمعات يعيشون بها وحالة شعور الإنسان للانضمام إلى مجموعة، عبارة عن علاقة شخصيَّة حسيَّة إيجابيَّة، يبنيها الفرد مع أشخاص آخرين أو مجموعة ما.
لكن أجمل أنواعها الانتماء للوطن بأن نكون جنوداً أوفياء له بأفكارنا الاستثنائية، ومواهبنا وإبداعاتنا المتألقة، ونهجنا المستمر في التطوير والرقي، والشعور النابض بالانضمام إليه، وتكوين علاقة إيجابية، قوية تربطنا به والوصول إلى أعلى درجات الإخلاص.
عزة وفخار
رئيس فرع طرطوس لاتحاد الكتَّاب العرب منذر يحيى عيسى يعتبر الانتماء والهوية الوطنية؛ أهم مايُميِّز الأمم المُتحضِّرة والراقية والأصيلة والممتلكة لما تباهي به.
ورأى بأنَّ العناية باللغة من أهمِّ وسائل زيادة الانتماء للوطن، والدفاع عنه إذا ما تعرَّض لخطر داخلي أو خارجي، كما يتوجب عليهم حماية النشيد الوطني، والعلم والحفاظ عليهما أحد أهم سمات الانتماء والهوية الوطنية، إضافة إلى المساهمة في الحفاظ على الممتلكات العامة، وحماية البيئة والآثار والحفريات كتراث مادي يلعب دوراً في زيادة الانتماء والتراث المادي.
رئيس اتحاد الكتاب فرع طرطوس لفت بأنَّ المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية تلعب دوراً كبيراً في إبراز الانتماء والولاء للوطن، ولايمكن إغفال أهميّة الشعر ودوره في تصعيد العاطفة الوطنية والمشاعر الصادقة المعبِّرة عن دقة الانتماء ونزاهته. منوِّهاً بأن ترديد النشيد الوطني يجعل المواطن الحق يشعر بالعزة والفخار.
كما ذكر الكاتب عيسى بأنَّ الكثير من القصائد أثارت مشاعر وحماس الناس خلال الحروب، طارحاً عدداً من الشعراء من تركوا بصمة خالدة في تنمية الشعور الوطني منهم: سليمان العيسى و صابر فلحوط و عمر أبو ريشة وسعيد عقل والرحابنة والجواهري والسياب وعبد الوهاب البياتي ولن ننسى الراحلين عبد الكريم الكرمي ومحمود درويش وسميح القاسم، وجلّهم ساهموا مع غيرهم من الشعراء في تأجيج الروح الوطنية والانتماء بقصائدهم فلحنت بعضها وأنشدها المطربون بأحلى الأنغام، لا سيَّما ذات الطابع الوطني الخاص.
كما شدَّد على مدى حاجتنا في المرحلة الراهنة إلى التأكيد على الانتماء الوطني نتيجة مواجهتنا لأسس الليبرالية الجديدة ومحاولة طرح مفاهيم خارجة عن عادات وتقاليد الشعوب، وتكافح بفطرة الإنسان السليمة، وتعاليم الأديان السماوية، وتروج لأفكارها هادفة إلى طمس الهوية الوطنية، وإضعاف ذات الشعور، ما يُسهِّل على القوى الكبرى السيطرة على الشعوب واستغلال ثرواتها لصالحها، ويخلق أجيالاً لا تهمها أرضها وأوطانها ورموزها، مُبيِّناً بأنَّ الانتماء وأولوية التمسك به تعبير عن أصالة الارتباط بالتراب وحمايته.
واقتطف مقطعاً من قصيدة له عنوانها:
«ويــــــــرحل الشــــــــــــــهداء»
إلى الموتِ
يُسْرِعُ الشهداءْ
لا ينتظرونُ الدموعَ
ولا الكفنْ
لا يرغبونَ
بإعلان الموتِ
ولا يحبونَ
ضجيجَ المراسمْ…
يمضونَ
فتضيءُ الفلواتُ إثرَ خُطاهم….
عندما يعبرونَ
يدقونَ بابَ الغيمِ
وعلى طريقتهم
يدخلونَ قدسَ الجنانْ…
وقد ترتفعُ أصواتُ الملائكةِ
ترافقُ الرحيلَ كالظلالِ
ترسمُ ملامحَ فرحٍ
لوطنٍ جريحٍ
سيقومُ من الرماد..
حالة حسيَّة
ورأت الشاعرة أسمهان حلواني بأنَّ الانتماء حالة شعورية يشعر فيها الفرد بحس الانضمام للآخر وحسية عالية تربط الإنسان بما يشعر أنَّه ينتمي إليه سواء كان مكاناً أو أسرة أو جماعة، وبالتالي الوطن وتتمايز العلاقة وتتدرَّج حتى أعلى درجات التمازج والإخلاص الكلي، لافتةً بأنَّ الأحاسيس الصادقة تظهر جلية في روح الأديب سواء أكان شاعراً أم قاصاً أو روائياً وحتى الفنان التشكيلي.
كما أوضحت الشاعرة حلواني بأنَّ شريحة المبدعين تتمتع بحالة من الرهافة العالية الموثقة الارتباط بمفارقة عجيبة مع الحس الانتمائي فيصبح الحدث والمتغير مؤثراً عالياً يرفع من الحالة الشعورية والنتاجية ويسيطر على الفكرة والمنطلق الأدبي الإبداعي فنرى أنَّ السمة الأدبية تختلف من مكان لآخر حسب المشرب الفكري الثقافي والمؤسساتي والانتمائي للأديب مايؤدي إلى شحن الكاتب أعماله فتحمل مضامينها مفاعيل التعلق في الفعل والموقف من خلال السرد أو حتى الصورة الشعورية والكلمة وتتعاقد جميعاً لتوثِّق الحدث والتقلبات والمتغيرات السارية في المجتمع عبر الأزمنة.
كما أردفت بأنَّ الانتماء موروث يظهر عند الإنسان منذ حالته الجنينية و الطفولية ليتبلور عبر الزمن ويصبح الوطن أماً ينتمي لحضنها أبناء المكان، ولأنَّ الفن و الأدب مرآة العصور وجدنا الأعمال مُوشَّاة سواء بالواضح أو المتضمن بالرابط الوثيق مع الوطن لتعتمر الكوفية على سبيل المثال جبين الأقصى، مُعبِّرةً عن عروبته، وترى بحرات
الرخام و الياسمين لتشمَّ رائحة دمشق.
ثم انتقلت خلال حديثها بأنَّ الأهازيج والكلمات الحماسية والدفاع عن الأوطان وقضاياها والمقاومة للاحتلال واغتصاب الحريات وحقوق الإنسان بالعيش الكريم، إضافة إلى أنسجة الروايات والقصص وحبكتها والأفكار المطروحة خلال مجريات أحداثها وتعبيرها عن الخلجات والمشاعر.
منيع الروح
التشكيلي خالد الحجار بيَّن أنَّ الانتماء في الإبداع مهم، ويأتي طرحه في وقته المناسب لما نعيشه من ظروف حالية تؤكد على ضرورة هوية الانتماء والتمسُّك به، وخاصة انتماءنا للوطن يعتبر منبع روحنا واستمداد بقائنا وطريق مستقبلنا، مشيراً بأنَّه كفنان تشكيلي ومصمم جرافيك من الضروري تعزيز شعورنا بالانتماء وإظهاره في الأعمال الفنية أو في تصاميمنا وخاصة شعورنا المقاوم.. فمعظم الفنانين التشكيليين راعوا الناحية جيداً، كما أنَّ اتحادهم كان له دورٌ بارزٌ من خلال تنظيم المعارض الفنية رغم الظروف القاسية مايدلُّ على تمسكهم بوطنهم، مُقدِّماً مثالاً من أعماله وتصاميمه منهم الطابع البريدي لليوم الوطني عيد الجلاء لعدة سنوات في الجمهورية العربية السورية، والتصميم عنوان الانتماء واستمداد الحياة وما ينطبق في التشكيل يسري تماماً على باقي الفنون من شعر وموسيقا ودراما ليبقى وطننا أملنا ومستقبلنا.
                          

العدد 1165 –  31-10-2023   

آخر الأخبار
"The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة Anadolu Agenci : فورد: يجب على أميركا أن تسحب قواتها العسكرية من سوريا دوري أبطال أوروبا.. الكبار يقطعون نصف المشوار بنجاح "باب سريجة".. انخفاض في المبيعات على الرغم من الحركة الكثيفة مجلس الأمن الدولي: محاولات إقامة "سلطة حكم موازية" في السودان أمر خطير أبناؤنا واللامبالاة.. المرشدة النفسية السليمان لـ"الثورة": ضبط سلوكهم وتحمل المسؤولية منذ الصغر محافظ اللاذقية يتفقد فرع الهجرة والجوازات وأمانة السجل المدني اشتباكات مع المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون في الصنمين بعد رفضها تسليم عناصرها تنظيم حركة المركبات والدراجات في حمص ارتفاع حصيلة الضحايا في الصنمين إلى خمس انطلاق سوق "رمضان الخير" في دمشق لتوفير المنتجات بأسعار مخفضة المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة" تفقد واقع عمل مديريات "التجارة الداخلية" في اللاذقية خسارة ثالثة على التوالي لميلان تكثيف الرقابة التموينية بطرطوس.. ومعارض بأسعار مخفضة