الثورة – ترجمة رشا غانم:
يعكس تبني واعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار “حماية المدنيين والوفاء بالالتزامات القانونية والإنسانية” إجماعاً عالمياً رئيسياً بشأن القضية الفلسطينية.
ويسلط التصويت – المسجل لصالح القرار بأغلبية 121صوتاً مقابل 14 صوتاً مع امتناع 45 عضواً عن التصويت – الضوء على أن القرار يشير إلى الاتجاه الصحيح لحل الأعمال العدائية على فلسطين.
إلا أن القرار – والذي يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ومستدامة تؤدي إلى وقف الأعمال العدائية- لن يؤثر بشكل فوري على الوضع، حيث أن معظم الممتنعين عن التصويت على قرار غزة هم من المعسكر الأمريكي من المملكة المتحدة، وألمانيا، وكندا، وأستراليا، وإيطاليا، واليابان، بالإضافة إلى الهند، التي تقدم لواشنطن معروفاً كبيراً بلا شك، مقابل شيء ما في المستقبل.
إن صدور القرار في نفس اليوم الذي بدأت فيه “إسرائيل” توغلاً واسع النطاق في شمال غزة، وسط تقارير تفيد بأن واشنطن تدرس خطة طوارئ لسحب المواطنين الأمريكيين من منطقة الشرق الأوسط، هو مؤشر على حقيقة بأن واشنطن لا تمارس ضغوطاً على حليفتها سعياً لتحقيق السلام، ولكنها بدلاً من ذلك تستعد للتصعيد المستمر للصراع، ليس فقط بين “إسرائيل” وفلسطين، بل بين الوطن العربي بأكمله.
في حين أن الزمرة الأمريكية منقسمة حول هذه القضية بسبب المخاوف الخطيرة لدى بعض أعضائها بشأن الطريقة التي تتذمر بها “إسرائيل” في “الدفاع عن النفس”، فإن امتناع هذه الدول عن التصويت يعني أنها اختارت الإذعان لدعم الولايات المتحدة الصريح لإسرائيل، التي تتمتع بالفعل باليد العليا بلا منازع في الصراع.
إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يستعدون لصراع طويل الأمد، ويعتبرونه فرصة لحل القضية الفلسطينية لصالح حليف الولايات المتحدة الإقليمي الرئيسي، فلن يتم إنهاء الصراع بسرعة، وستكون أزمة أوكرانيا دليلاً على ذلك.
وبعبارة أخرى، لا يزال الغرب يقيم جبهة موحدة مبهمة بشأن القضية الفلسطينية، كما فعل على مدى العقود الماضية، ولهذا السبب لم يتم تنفيذ “حل الدولتين”، الذي اتفق عليه الجانبان ظاهرياً منذ عقود، وعلى هذا النحو، على الرغم من أن الضغط الدولي قد يؤدي إلى فتح بعض القنوات لتقديم مساعدات إنسانية محدودة، لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه لتحويل قرار الأمم المتحدة بشأن غزة إلى إجراءات ملموسة يمكن أن تضع حدا للعدوان على فلسطين.
إن الحرب الإسرائيلية على فلسطين هي بلا شك صراع آخر بالوكالة للولايات المتحدة وعصابتها، حيث أن النداء الملح للمساعدات الإنسانية ووقف الأعمال العدائية التي يدعو إليها المدنيون لوقف إزهاق أرواحهم ليلاً نهاراً، لم تكن قط مصدر قلق لواشنطن، إن الاعتبار الوحيد هو كيفية المقدرة على توجيه الصراع واستغلاله بشكل أفضل، إلى جانب آثاره غير المباشرة، بحيث ينتج عنه أقصى المزايا على رقعة الشطرنج الجيوسياسية للولايات المتحدة.
المصدر – تشاينا ديلي