الثورة – ديب علي حسن:
منذ سبعة عقود إلا عاماً واحداً صدرت ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية (ادفع دولاراً تقتل عربياً) وعلى الرغم من العنوان الصادم مباشرة والصريح والذي يقدم بالوثائق ما يفعل الصهاينة على أرض فلسطين من إجرام وقتل وحروب إبادة.
وليس على أرضها فقط بل ماذا يروون وينشرون في الخارج من أكاذيب وأضاليل.
أقول بالرغم من هذه الفترة الزمنية على الصدور لم نستفد مما أتيح لنا عمله.
وقد مررنا بمرحلة ظننا فيها أن النضال القومي قد توقف- طبعا البعض من يروج ويريد للقضية أن تموت.
الكتاب الذي حمل عنوان هذا سيف الله- باللغة الانكليزية، ولكن المترجم المبدع منير البعلبكي اختار له عنواناً من مقدمة الكاتب وترجمه تحت عنوان (ادفع دولاراً تقتل عربياً) وهو من تأليف لورانس غريز وولد، صدرت الترجمة عن دار العلم للملايين بيروت عام ١٩٥٤م .
ومن باب المصادفة منذ عقد ونيف كنت قد عثرت على نسخة من طبعته الأولى من مكتبة الرصيف .
واليوم يعود الكتاب إلى الواجهة من جديد
لماذا هذا الكتاب ..؟
يقول المؤلف: إن الواقعة التي أثّرت في نفسه حين وقعت النكبة ١٩٤٨ “أكثر ما يكون التأثير” أنه شاهد في زوايا شوارع مدينة مانهاتن في ولاية نيويورك، حيث كان يقيم، “مكبّرات الصوت، وقد نصبت على السيارات الكبيرة أو على المنابر، وراحت تخور متوسّلة إلى الأميركيين أن يعطوا دولاراً ليقتلوا عربياً، كان صوت إسرائيل قوياً جداً في الولايات الأميركية، أما صوت بلاد العرب فكان صامتاً، وكانت الأنباء والتعليقات الخاصة بحرب فلسطين متحيّزة تحيّزاً كاملاً.
وعندما اطّلع غريزوولد على إعلان يفيد بأنه “كلما قتلت عصابة شتيرن في فلسطين عربياً أقام اليهود عيداً صغيراً في قلوبهم” طفح الكيل عنده، كما يقول، ولم يعُد يطيق صبراً. ولذلك قرّر السفر إلى الشرق الأوسط، وكانت رحلته وحصيلتها هذا الكتاب.
زوال الكيان الصهيوني:
صحيح أن الكاتب يستخدم كلمة أو مصطلح دولة إسرائيل بدلاً من كيان، لكنه يعني تماماً أنها أقل من كيان بل لقيطة، لابد أن تزول ويخلص إلى التالي :
إن(دولة إسرائيل) سرطان أقحم ظلماً وعدواناً في كثير من العنف إلى الشرق الأوسط، ولكنها بخلاف السرطان لا تستطيع أن تحيا إلى ما لا نهاية له على حساب جيرانها، ولا بد لها من أن تموت آخر الأمر ما دامت لا تملك في ذاتها مقومات الحياة.
لقد قيل ان دافيد بن غوريون تباهى يوماً بأن حدود إسرائيل تقع على ضفاف الفرات.
وسواء أكان دافيد بن غوريون قد قال ذلك حقاً أم لم يقله، فالذي لا ريب فيه أن ملك إسرائيل كله يؤذن بأنها تهدف إلى هذه الغاية، وفي الوقت نفسه تحاول إسرائيل ان تحشر ما يزيد على مليون تاجر من أهل المدن في ثلاثة أرباع بلد لا يستطيع كله أن يحتمل نصف ذلك العدد، وليس ثمة في إسرائيل أيما تصدير صناعي، ولن يكون شيء من ذلك ممكنا ما دام يتعين على إسرائيل- حتى لو استطاعت إنشاء صناعات قوية- أن تتنافس في هذا الميدان مع فرنسا وبريطانيا والهند واليابان، وإذا كانت صناعات إسرائيل تعاني منذ الآن ارتفاعا متضخماً في أجور العمل، فالمستقبل يبدو من هذه الناحية غير مشرق البتة.
وعلى الجملة فإن الوضع يبدو عجيباً إلى حد متطرف، لقد ابتليت فلسطين فجأة- وهي منذ القدم بلد عربي- بذلك الشعب الأجنبي العدواني الغريب عنها غرابته عن مانهاتان نفسها وهو شعب لا موارد له شعب عالة على الأموال الأجنبية التي ترده من وراء البحار.
إن إسرائيل لن تعمر طويلاً، وإذا ما سمح لها بذلك فعندئذ يكون بقاؤها على قيد الحياة أعجوبة شريرة.
وقع الكتاب على الكيان الصهيوني وقع الصاعقة، وعملت عصاباتهم على شراء نسخه وإتلافها، والتضييق على الصحفي لورانس، وهو المعروف بعلمه وسعة اطلاعه والباحث عن الحقيقة.
أليس جديراً بنا اليوم أن نعمل على الرأي العام الغربي بطرق مختلفة.. وأن يكون الشعار : امنع دولاراً أو سلاحاً تنقذ طفلا ..؟.