مع صدور دليل تعريف المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة نكون قد وصلنا إلى رؤية متكاملة لتطوير بيئة الأعمال في سورية، لا سيما وأننا أصبحنا اليوم على معرفة دقيقة لتصنيف أي مشروع والبدء الفعلي بتنشيط دوران عجلة الإنتاج أي ما يعني توفير فرص عمل والحد من الفقر لتلبية متطلبات التنمية المستدامة.
هذا الدليل الذي أخذ الكثير من النقاش وورش العمل الحكومية وغير الحكومية من المفترض أن يكون بوابة الانطلاق لقطاع حيوي مهم يسهم بأكثر من ٦٢% من الناتج المحلي مع تشغيل ٥٧% من قوة العمل.
إذاً أصبحنا أمام رؤية موحدة بين الجهات المعنية بعد أن كانت كل جهة تُعرّف هذه المشروعات ومرجعيتها بطريقة مختلفة الأمر الذي أدى سابقاً إلى تناقض وخلل بين المعنيين بهذا القطاع.
وهنا يسأل مراقب هل كانت مشكلتنا بتعريف تلك المشروعات أم بالتمويل والضمانة المصرفية والمخاطر الأخرى الناجمة عن التضخم والظروف الاقتصادية الحالية؟
ففي تصريح لمدير هيئة تنمية المشروعات جاء قبل يوم من إقرار الدليل التعريفي اعتبر فيه أن عقبات كثيرة لا تزال تعيق تحقيق المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدورها التنموي بدءاً من التمويل للتسويق لتأمين الطاقة وصولاً للتضخم وتذبذب سعر الصرف.
والأكثر من ذلك أن ٨٨% من تلك المشروعات اعتمدت على التمويل الشخصي والمساعدات المادية وهذا يعني أن العلاقة مع البنوك ما زالت ضعيفة بسبب الضمانات العقارية، الأمر الذي يوحي لنا بأن مؤسسة ضمان مخاطر القروض ما زالت تحبو ولم تستطع أن تقنع البنوك التقليدية بأنها ضامن حقيقي لأي تعثر مفترض، فحتى اليوم لا يوجد سوى ٤ مؤسسات تتعامل مع التمويل الأصغر لكنها لا تغطي أكثر من ٥% من احتياجات السوق.
بالتأكيد إيجاد تعريف ودليل موحد لتصنيف تلك المشروعات أمر مهم، إلا أن الأهم أن نقنع صاحب المشروع بالاستمرار وتأمين كل المحفزات لخلق بيئة عمل آمنة ومستقرة خاصة وأن بعض المشروعات مهددة بالتوقف جراء تسارع معدلات التضخم وعدم القدرة على ضبط التكاليف والأرباح.
نحن أمام اختبار حقيقي لواقع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة وأن تلك المشاريع ستستقطب العدد الأكبر من اليد العاملة ناهيك عن إسهامها في زيادة إيرادات الضرائب والرسوم على منتجاتها، لكن كل ذلك بحاجة إلى فهم الدور بشكل جدي مع توافر المقدرات للنجاح.
التالي