الثورة _ آنا عزيز الخضر:
أكثر الأعمال الفنية التي تجد صداها ونجاحها عند جمهورها، هي القادرة على مخاطبة عقله، وما يشغله، ومخاطبة مشاعره تلك التي تسكن هواجسه، وتمنع انطلاقته نحو الحياة بوجود الصعوبات، والمعضلات المادية والاجتماعية… الفقر والفساد..و البيروقراطية التي تحارب النجاح.. هنا يقترب العمل من الواقع، ذلك الشرط الأهم الذي يمنح العمل تميزه، وقد حققه العرض المسرحي “الغنمة” إعداد وإخراج “زين طيار”، وذلك على خشبة مسرح الحمراء في دمشق.
بالرغم من أن نص المسرحية عن “سترة من المخملين” للكاتب البلغاري “ستانيسلاف ستراتييف” إﻻ أن صناع العرض جعلوا
عوالمه مقاربة لواقعنا بامتياز، وماخلفته الحرب من صعوبات.. كما يعالج البيروقراطية والكثير من تداعياتها الواقعية في المجتمع …فالأستاذ الجامعي المتمسك بمبادئه يواجه الكثير من الظروف الصعبة بسبب شرائه سترة مكسوة بشعر الغنم، ليجسد محوراً، تدور أحداث غنية حوله، لها الكثير من الدﻻﻻت والمعاني، مثلها مثل شخصية المعلق، التي تتشابه حالته مع حالة أغلبية الناس الذين ينتظرون الفرج، فهو معلق في المصعد المعطل، وحاله في انتظار دائم ..توقف دائم دون حراك أو تقدم …
حول العرض وأسلوبه وفضاءاته تحدث المخرج”زين طيار” قائلاً:
المسرح مرتبط بالواقع، ولايمكن أن ينفصل عنه، لذلك أتى العرض مشابهاً لحياتنا ولمجتمعنا، وقد نقل الكثير من التناقضات، ومحاوﻻت الصراع من أجل الحفاظ على الجوانب الإنسانية الجميلة.. حمل العرض محاكاة دقيقة للواقع، وكشف الكثير من السلبيات عن طريق النقد، لما يحصل من فساد، وبيرقراطية مرضية، وقد عمل العرض على نقل الواقع، مستخدماً المبالغة، التي يستخدمها الفن عادة كأسلوب، يفضح فيه بشاعة واقع، يجب محاربته، وكان الحامل لكل ذلك أسلوباً كوميدياً، وﻻسيما أسلوب الكوميديا السوداء، التي تحمل الموقف..
ﻻبد للمسرح من أن يكون ملتزماً بالواقع ومشكلاته وينقل هموم الناس ومشكلاتهم الحقيقية.
فالنص أصلاً يقارب واقعنا، عدا عن مسألة الإعداد، الذي عملنا عليه وفق آليات،تجعلها تحمل الكثير من الإسقاطات، التي تقارب واقعنا وتحمل الكثير من ملامحه…. وﻻبد من الإشارة هنا إلى أن النص كوميدي، وإن حضر في العرض أكثر من لون مسرحي، فكان التنوع في المضمون، والشكل الفني.. بدءاً من المدرسة الواقعية إلى مسرح العبث والغروتسك….
ابتعدنا عن التراجيديا، لأن طبيعة النص تدور في سياق الكوميديا، وخصوصاً أننا في زمن الظروف الصعبة، فنحن بحاجة إلى الكوميديا، إذ إنني أحرص في الوقت الحالي على أن تكون حاضرة بقوة.