جمال الشيخ بكري:
ليس كل الأشخاص متشابهون بسلوكهم وصفاتهم، وأصحاب التجارب والحكماء ومن خلال معاشرتهم الناس واحتكاكهم بهم يتوضح لهم ويتبين بأن هناك اختلافات في كل شيء بين شخص وآخر إن كان في الكلام أو المعاملة أو الأمزجة.
فالناس يختلفون كألوان الطيف حتى في القلوب، فكل قلب له صفاته التي تميزه عن الآخر، فهناك قلوب رحيمة ورقيقة وعطوفة تحن على الضعيف الذي لا سند له إلا الله فيساعدون بلا مقابل ولا منة.
هؤلاء الأشخاص ذوو هذه القلوب لهم مكانة خاصة عند الناس وشبههم العقلاء كالقصب تماماً، فكلما مر عليه الوقت تراه وقد أصبح أجمل وأحلى واستعماله أفيد، ومنه أي من القصب يصنع الناي الآلة الموسيقية التي تسحر كل من يستمع إليها.
وهكذا البشر كلما تقدم أحدهم في العمر كلما اكتسب خبرة في الحياة نراه قد نضج وأثمر في أخلاقه وتعامله، فمثله كمثل نبات القصب كلما عتق كلما أصبح حنوناً في شجنه وصوته العذب الأخاذ، فالإنسان عبارة عن مراحل عمرية وأهمها مرحلة النضج حيث الحكمة والدراية والإنتاج الفكري والقيمي التي تعطي كنه شخصيته الحقيقية فإما أن يكون ايجابياً معطاء كالشجرة الوارفة الظلال تؤتي ثماراً يانعة طيبة وإما أن يكون سلبياً لا يتفاعل مع الآخرين فلا يؤبه له ويكون على هامش الحياة فشتان مابين الاثنين، وعودة على ذي بدء لنكن كالقصب كلما عتق ومر عليه الوقت يحن لكل شيء.