الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
أقل من ساعة استغرقها الطريق إلى اتوستراد العدوي، صعدت مباشرة إلى « البولمان» المخصص لنقل ركاب الطائرة المتجهة إلى دبي.
هي المرة الأولى التي تضطر فيها إلى السفر عبر طريق بري طويل وصولاً إلى مطار اللاذقية.
ولا أدري السبب الذي جعل مشاهد الوداع على اوتستراد العدوي طويلة…؟
كانت أول الصاعدين إلى البولمان الطويل الحديث المكيف رغم أن الجو خريفي، ولم يكن معها أحد كي تودعه، لطالما حرصت أن تكون وحيدة في طرقات السفر.
فوجئت بالكاميرات تتجه نحو نوافذ الحافلة وتسترق الصورالأخيرة، والعيون تمتلئ بالدموع، أكثر ما لفت نظرها أحد الشبان يبدو أنه يفارق شقيقه للمرة الأولى، يجهش بالبكاء بطريقة مؤلمة، أدارت وجهها قليلاً كي تستوعب كلّ هذا الألم، وهي نادمة على قدومها المبكر .
كيف لم نلاحظ كل هذا الكم الهائل من حزن وداع الأحبة ونحن على بوابات المطار…؟
هل بسبب انشغالنا بأنفسنا و أمتعتنا، أو لأنهم بالكاد يتمتعون ببعص الوقت لوداع أخير…؟
حين امتلأت الحافلة وصعد السائق دارت الوجوه نحو الأحبة تسترق نظرة وداع أخيرة، حينها يمر شريط سريع من أمام عينيه يوجز حكاية وداع قصيرة على رصيف الزمن.
يحتاج كل منا لغياب ما نفتح عبره بوابات تنزاح بنا نحو أفق مجهول نعيش خلالها تجربة حياتية مختلفة، حتى لو ابتعدنا فيها عن الأحبة،إلا أننا بعدها نفك طلاسم حياة روتينية إن تمكنّا من عبورها قد نجد طريقنا، كأننا نمسك عدسة مكبرة نفسرعبرها الكثير من الحالات التي تبدو ونحن نعيشها غير مترابطة.
تعيننا طرقات السفرعلى فك ألغاز الحياة ومن ثم قيادة حياتنا بحيث تبدو أرصفة الزمن مجرد مرافئ عبور مهما كانت لحظاتنا
قاسية أو هينة.
العدد 1169 – 28-11-2023