الملحق الثقافي- خالد ردّاوي :
في البدء كان الشّجر امرأةً
واحدة..
كان الماء الدافق بركةَ دمٍ
كان الحزنُ يُسقى من عين آنية
كان الرّملُ خميرة حزنٍ فاضت على الصّحراء
الليّلُ أفعى تُراودني ..
وكنتُ بلا أجنحة ….
……………..
دم البداية
يُطبق جفونه على وردة البرتقال
حيث الجسد أعمى
يتحرّكُ تحت لحاف الليل
رعشةً لا تحتمل الصمت..
أنّى لي بعشبةّ
تذبلُ بين كفيْه
وتينعُ في جسد آخر …
أنّى لي بحكمة العبث الجميل
لأخترق مخيّلة القيامة
أنّى لي بحضارة تقتلع أسماءَها
أجساداً ميّتة لنمسح عار الأرض
أنّى لي بحماقة حوّاء
تعيدُ للشجرة خطيئتها
وللأمل ضلعه المفقود
بالحمأ المقدّس
افترشتُ نهايتي، عناقيد دمٍ
كَمثَلِ حربٍ تستبقُ التكوين
بسبعة أيام …
بالأزرق تُورقُ صور كالصدفة
تتعاكس قمراً ليلكيّاً
يعدّل من لهجةِ التراجيديا
…………………
لو تأخذ الغيمة معناها
لو أبلغُ بياض سوالفها في وحدة الموج
لو أتذكّرُ أعراس الصباح في صمت الأغاني
لو أشتغل بالخطأ ثانية
لو أتذكر أجنحة التكوين السّفلى
لو كانت الحجارة مثلي
لضاعتْ في السّهوب ..
لو
لو
لو
خلفَ ورقة التوت
يقبع الفيروز ملتصقاً بالضوء
يداري جرحه
أجراس رغبة
تسمع صوتها
كنار أطفأتْ ماءها
وارتدت جسدين …
………………
أين أمضي والمسافة أقفاص أخطاء
عائمة… فوق بحيراتٍ من الشِّعر
كيف أحرر ذاكرتي
من سلالة الظلمة
والشرق على شفا شرنقة من رماده الأوّل
كيف أسكنُ لغةً أدارت ظهرها
لما سيحدث بعد قليل؟
…………….
ها هي الصحراء خاويةٌ كأعجاز نخل
………..
كيف أقبض على الوهم
والحلاّجُ يعدُّ مائدة للفناء ؟
………..
هل أخلع جسدي من عباءته الحمراء؟
وأمدُّ للسيّابِ يدي نصافحُ أنشودة مبتورة اليدين
أدحرجُ الوقت من عقاربه لجهة تصيبني بالنّسيان
أعلّقُ قميص ماركس في ساحة تركض إلى عالم ينأى..
أُلوّنُ جسدي بالنّجوم والخطوط
لأنزف خيبتي تحت تمثال وَرَق
………………..
الأسفل / الأعلى
يهبط قبل الأوان مسيّجاً بالهاوية
يستجمع أخطاءه
كأنّه يصعد من حيث جاء
……..
هكذا حدث
أشلاءٌ تسير على عكّازين
جسد يبكي على طلَلٍ
خطوات تلكأتْ في الوحل
وذاكرة تحلمُ بالطواف
حول حجارة تفتّتَتْ في الهواء..
…………………..
كان الرعد يدوّي مع
أمطاراً داخنة
اشتعل اللّيلُ في دمنا
حلّ الرماد في أسمائنا
العالم في هزائمنا
انطفأ الطفل في حضن أبيه
قالت الأرض:
كِلانا طفل يخطئ عودته لكيمياء الحياة
…………….
القذائف البعيدة تتفجر في دمي
مثل رماد يمسحُ ذكرياتنا
مثل رعد يلاحقُ الأنقاض في مسارها الضوئي
مثل نخل يهتزُّ هلعا للدم النازف من مدرّجات القيامة
مثل وردة تقرأ طالعها
وتذبل في كفّ النسيان..
مثل كحْل يكتب بأهداب عشتار
…………….
مثل الكوميديا
تأتي الألهة من غياب ما…
حاضره نام تحت رأس دانتي !!!
………………
هذه الأرض في طينها تمائم للحرب
حبر يحوّل أخطاءهُ إلى أنقاض مجنّحة
خرائطَ
ألواحٍ
وكتابة أنكرتْ نفسها
لفرطِ ما أنكرها الإنسان …
……………….
على وجه الكوجيتو الأممي
خارطة
تركتْ جلدها وغابتْ
كأنها مأخوذة بالرجوع
تسأل عن سلالة
خلف الريح
تودِّعنا لتلقى الغياب …
…………….
كانت عشتار تذرف لهفتها
فوق نافورة الاحتراق
فيما يُسائلها زوجُها الإله:
هل صحيح ما يحدث الآن
قالت وهي تنزف قداسة ذبيحة
الربُّ والإنسان على شفا حفرة واحدة
………………
يمكنكِ أيتها السّماء
أن ترقصي طربا لنهايتنا القريبة
يُمكنك أن ترفعي آدمَ
والأسماء كلها الي جبهة النور
وأن تقولي لجنودك الملائكة :
لا تحرسوا الأرض….
……………….
أيها التاريخ هل صدقتَ سيرتَك
تهلل بجرحك المفتوح؟
فالعالم بين الياء والألفِ
جريمة يسمونها الحياة!.
تونس – المهديّة
شاعر تونسي
العدد 1169 – 28-11-2023