الثورة – آنا عزيز الخضر:
المسرح ذلك العالم الإبداعي الخلاق، قادر بمفرداته الخاصة على ترجمة أدق المعادﻻت الحياتية وأصعبها، عندما تحبك بيئته الدرامية، متآلفة مع بيئته الفنية وحلولها الذكية، ناجزة لأميز الحالات، وناقلة لحقائق ووقائع، هي أقرب للوثائق بدلالاتها وأبعادها، وذلك لإتقان صناعها ومهارتهم في خلق إسقاطات ومقاربات تكاد تكون كواقعها.. هذا ما تمكن فعله العرض المسرحي”بيت على الحدود” تأليف سلافومير مروجيك، وإخراج كمال فضة، إشراف هاشم غزال، على صالة مسرح الحمراء بدمشق.
حول العرض وعوالمه تحدث الفنان هاشم غزال: يحكي العرض عن عائلة تقطن في منزل، وتشاء الأقدار أن القوى العظمى أعادت تقسيم العالم، ورسم حدود جديدة، فتمر الحدود في منزلهم وتقسمه قسمين، وتبدأ رحلة العائلة في معاناتهم بالتنقل ما بين أقسام المنزل، التي باتت في دولتين، وتحتاج لقسائم للدخول من دولة لدولة، وتبدأ الأحداث بأسلوب يميل لابتسامة تارة، ولدمعة تارة أخرى، لتتسارع الأحداث، وتبدأ حياة العائلة بالتدهور، لتصل للدمار في نهاية العرض.
تكمن أهمية العرض في طرح فكرة جديدة بأسلوب مسرحي شيق بمرحلة، هي أقرب ما تكون لما يحدث في العالم الآن من خلال فرض القوى العظمى هيمنتها، والسعي للسيطرة على العالم.
وقد اعتمد المخرج الشاب كمال فضة على مجموعة من شباب المسرح الجامعي الجدد، وهي التجربة الأولى لغالبيتهم، بما فيهم المخرج، الذي بدأ بطرح أفكاره بطريقة ملفتة، ساهمت بخلق حالة من التواصل بين الجمهور والخشبة، مما حقق نجاحا ملفتا في المجالين المحلي والدولي من خلال حصول العرض على عدة جوائز محلية ودولية، وساعده بذلك مخرج مساعد وفاء غزال، ساهم ببناء حالة الممثل والشغل عليه، مما أضفى على العرض حالة من التماسك.
باختصار العرض خرج للنور نتيجة جهد جماعي، والقاسم المشترك في الحالة، هو عشق المسرح من المجموعة الشابة، التي خلقت حالة من المتعة والفائدة والتميز.