بشرى سليمان
كثيراً ما نصادف في حياتنا أشخاصاً مؤثرين، ناجحين في دراستهم وعملهم، إيجابيين يتميزون بالثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن أنفسهم وآرائهم بشكلٍ واضحٍ وصريحٍ، يتفاعلون مع من حولهم، ويكونون علاقات اجتماعية ناجحة تساعدهم في حياتهم ومسارهم الوظيفي.
هذا ما أكدته الدكتورة فريال سليمان- جامعة تشرين- علم نفس النمو، في لقاء مع صحيفة الثورة، فالتواصل جزء لا يتجزأ عن حياتنا البشرية، وهو جزء من هويتنا، بصمة تميزنا، وهو الممر الإجباري لنمو الشخص والمجتمع والوطن، فكما أن الجسد هو الإثبات الحسي لوجود الإنسان في الزمن، فإن التواصل هو البعد العملي الذي يربط الإنسان بواقعه وزمنه، والتواصل بأبسط صوره هو نقل معلومة أو رسالة قد تحمل في طياتها كلّ أسس العلاقات البشرية.
تغيير إيجابي
تبين الدكتورة سليمان أن للتواصل نوعين، أولهما :”اللفظي” أي استخدام اللغة من خلال اللسان والصوت والكتابة، وثانيهما :” اللا لفظي ” الذي يعتمد حركات الجسد وتعابير الوجه وغيرها، من دون استخدام اللغة، ومن الجدير ذكره أن التواصل نشاط ذو طبيعة خاصة، لأنه متواصل غير منقطع، لا يمكن إعادته ولا محوه ولا عكسه، يُغيِّر إيجابياً أو سلبياً في شخصية المتواصلين لأنه إرسال مُتبادَل، واستقبال وإرجاع أثر مُتَبادَل بين مرسل ومتلَقِّ.
وتتابع بقولها: إنَّ نجاح الفرد في حياته التعليمية والمهنية مرتبط بما يملك من مهارات اتصالية يعايشها يومياً، مع ذاته أولاً، ومع الأشخاص المحيطين به ثانياً، سواء في أسرته، أو مدرسته أو جامعته أو عمله في أي مجال من مجالات الحياة، فلا بدّ له لتحقيق النجاح من استخدام مهارات اتصالية مثل: الإنصات والتحدث والحوار والإقناع والتفاوض، والقراءة والكتابة والبحث، ولغة الجسد والصوت، وهذا ما يدفعنا للسعي إلى تربية الحوار والتواصل في مؤسساتنا وتطوير هذه المهارة عند الطلاب والمعلمين والموظفين وجميع الفئات، للتعبير عن ذاتهم بالطريقة المناسبة، وقبول الآخر المختلف، بالإضافة إلى القدرة والجرأة على الكلام والطلب والتوضيح وإعادة الصياغة والإصغاء، وتخطي الخوف والتردد والقلق والشعور بالذنب، وهذا بدوره أساس التطور لبناء مجتمع متكامل يصمد أمام الهزات الاجتماعية ، واكتشاف الهوية الشخصية والهوية الجماعية.
استقبال الرسالة
ربطت الدكتورة سليمان العوامل المؤثرة في استقبال الرسالة شكلاً أو مضموناً بعناصر خارجية، كالضجيج أو الطقس أو الصوت أو المكان أو مضمون الرسالة أو أسلوب إيصال الرسالة أو الحالات النفسية التي يعيشها الطرفان، وإذا ما دخلت العوائق على العملية التواصلية فهي ستترك أحد الأفراد مهزوماً وخاسراً، غير متجاوب ومنزعج، وإذا تمّ الانفجار الكبير وخرج الجميع عن حدود اللياقة، واحتدم الجدال وتحول إلى معركة كلامية متأججة بالمشاعر، والكل يدافع عن نفسه ضد الآخر، نصل إلى الخسارة المشتركة.
في النهاية علينا عدم إهمال تعلم مهارات التواصل الفعَّال، كما علينا تجسيدها في حياتنا الواقعية وإتقانها، لأنها سبب كبير من أسباب النجاح في الحياة العملية بل والحياة الاجتماعية.