الثورة – ديب علي حسن:
عندما كان الاتحاد السوفييتي في عز ازدهاره كانت أعلى الشهادات الأكاديمية تلك التي تسمى دكتوراه في فلسفة العلوم.. أي فلسفة الرياضيات أو الفيزياء أو أي لون من ألوان العلم.
وحين تبحث في العمق عن السبب ستجد أن الأمر ضمانة لسير وسلامة ما يصل إليه الباحث في مجاله، أي يصون بحثه من الانزلاق إلى ما ليس في خدمة الإنسان وجوهره الوجودي الإنساني ووعيه الحضاري.
وبالتالي هو ضمانة من أن يكون سلعة تجارية، لهذا كانت المقولة الفكرية المهمة أي إنجاز علمي من دون أخلاق تحكمه هو خطوة في قتل الحياة وتدميرها.
هل نُذكر مثلاً بالإنجازات النووية التي دمرت هيروشيما وناغازاكي، واليوم تستخدم في القنابل المنضبة باليورانيوم كمحاولة للالتفاف على مفهوم سلاح التدمير الشامل.
أو نُذكر بما تنتجه مراكز البحث الأميركية السرية التي اكتشفتها روسيا في اوكرانيا، وهي قمة وخلاصة تجارب علمية في نشر الأوبئة ضد البشرية للأسف..وقد يكون صحيحاً أن وباء كورونا واحد منها.
وهل نُذكر بالبحوث التي تجرب منذ نصف قرن ونيف في مراكز الاستخبارات الأميركية حول التلاعب بالوعي عن طريق استخدام نبضات كهربائية تتلقاها شرائح نانوية تزرع في جسد ما دون أن يدري، ويتم التحكم به عن بعد.. تارة يبكي أو يضحك أو يرتكب الفظائع..
لقد تحول العلم إلى سلعة في جامعات عالمية كثيرة ولا يهتمون إلا بما يقدمه من أرباح وسلع تجارية وما يصبه في حساباتهم.
وكان المفكر السوري الراحل شاكر مصطفى في كتابه المهم “حضارة الطين” قد ناقش مثل هذه القضية، وقال جملته المشهورة: لقد جعل العلم منا أنصاف آلهة قبل أن نستحق أن نكون بشراً..
هذا التسليع للعلم رافقه تسطيح الوعي بالجمال والحياة والثقافة، وهذا ما جعل الخواء واللا معنى يحكم الأجيال الصاعدة.. ولنا عودة إليه.