الثورة – ترجمة رشا غانم:
يشترط القانون أن تقوم الولايات المتحدة بفحص أي جيش أجنبي يتلقى أسلحة أمريكية، ومع ذلك، فإن هذا لا يحدث مع “إسرائيل”، والسؤال هنا الذي لا بد من طرحه، ترى لماذا؟.
هناك نقاش نادر يدور في دوائر السياسة الخارجية السائدة، بما في ذلك بين ديمقراطيي الكونغرس، حول ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة أن تشترط دعمها العسكري لـ “إسرائيل” في ضوء الخسائر المدنية الهائلة التي تسببت فيها في غزة، حتى أن الرئيس الأمريكي بايدن ادعى بأنها كانت فكرة جديرة بالاهتمام، إلى الوقت الذي وضح فيه البيت الأبيض أنه لن يفعل مثل هذا الشيء.
ووفقا لتقرير حديث في “وسائل الإعلام الإسرائيلية”، بدأت إدارة بايدن في فعل ذلك بالضبط – مما وضع شروطاً على الدعم الأمريكي المستمر لحرب “إسرائيل” على غزة، هذا وانضم أنتوني بلينكين وزير الخارجية الأمريكي إلى اجتماع “لمجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي” في تل أبيب مؤخراً، حيث قال – وفقاً لتقرير صادر عن القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية-: “يجب على “إسرائيل” أن تبدأ في أخذ السكان المدنيين الفلسطينيين في عين الاعتبار في جميع العمليات العسكرية، وأضاف التقرير أنه على “إسرائيل” أن تفهم أن عليها أن تفعل ذلك من أجل أن تستطيع أمريكا دعمها أمام العالم”.
إن مطالبة متلقي المساعدة العسكرية الأمريكية بالامتثال لقوانين الحرب أمر غير ملحوظ على الإطلاق، وهناك العديد من القوانين الأمريكية التي تتطلب مراقبة وقطع المساعدات العسكرية عن الدول التي تستخدمها لانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب، مما يثير التساؤل عن سبب قيام بايدن بإنشاء آلية منفصلة تماماً لفرض نفس المعايير التي يستخدمها المشرعون الأمريكيون وإدارته، وأحد هذه القوانين هو قانون “ليهي”، الذي يتطلب من الحكومة الأمريكية فحص أي وحدة عسكرية أجنبية تتلقى تدريباً أو أسلحة أمريكية لضمان عدم مسؤوليتها عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهو مصطلح لا يكلف القانون عناء تحديده.
ومع ذلك، مع “إسرائيل”، تقدم الولايات المتحدة الكثير من المساعدات العسكرية لدرجة أنه أصبح من المستحيل تعقبها إلى وحدة فردية، لذا فإن التدقيق لا يحدث بالفعل قبل تقديم المساعدة العسكرية “لإسرائيل” كما يقتضي القانون.
بدوره، أعلن جوش بول المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية والمسؤول عن عمليات نقل الأسلحة الأجنبية، عن استقالته في تشرين الأول الماضي احتجاجاً على عدم التدقيق أو الجدل حول نقل الأسلحة إلى “إسرائيل” خلال هذه الحرب.
يذكر أن قانون “ليهي” هو أحد الضمانات التي تهدف إلى منع الحكومات الأجنبية من استخدام الأسلحة الأمريكية لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب.
وفي شباط من هذا العام، نشرت إدارة بايدن سياسة نقل الأسلحة، والتي تقول إن الولايات المتحدة لن ترسل أسلحة إلى الخارج إذا “قدرت أنه من المرجح” أن يتم استخدامها لارتكاب انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، مشيرة على وجه التحديد إلى “الهجمات الموجهة عمداً ضد أهداف مدنية أو مدنيين محميين بصفتهم هذه؛ أو غير ذلك من الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي أو القانون الدولي لحقوق الإنسان.”
وقبل شهرين فقط من الحرب الإسرائيلية، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تعليمات للسفارات في جميع أنحاء العالم برصد جميع حوادث الأذى للمدنيين التي تنطوي على أسلحة أمريكية الصنع والإبلاغ عنها، كما تحظر المادة 620 من قانون المساعدة الخارجية إرسال أسلحة إلى بلد يحظر أو يقيد نقل أو إيصال المعونة الإنسانية.
وبدلاً من استخدام تلك الأطر الحالية مع آليات الإنفاذ المجربة والمختبرة، يقوم بايدن بإخفاء الأمور خلف الأبواب المغلقة حيث لا يمكن أن يكون هناك إشراف أو مساءلة.
يقول مايكل شيفر عمرمان مدير الأبحاث حول “إسرائيل” وفلسطين والعالم العربي: “هذه مشكلة لسيادة القانون ولفكرة “النظام القائم على القواعد” التي كانت صريحة للغاية بشأنها عندما تعلق الأمر بأوكرانيا وروسيا، والتي تجهد المصداقية الأمريكية من خلال تضخيم المعايير المزدوجة التي تثير السخرية من النظام القائم على القواعد نفسه، فلا داعي للتفكير كثيراً أو النظر إلى أبعد من موقف الولايات المتحدة بشأن الاحتلال العسكري لفلسطين وما يسمونه بالحرب على أوكرانيا، ويصبح كل هذا مقلقا بشكل خاص عند النظر في الأسباب التي جعلت بايدن يشعر بالحاجة إلى الانفصال عن عقود من إعفاء “إسرائيل” من تدقيق مماثل.”.
ويضيف: “إن تقديم مثل هذه المطالب المحددة يشير إلى أن الحكومة الأمريكية تعتقد بأن “إسرائيل” لا تأخذ في الاعتبار بشكل كافٍ عدد المدنيين الذين تقتلهم وتقوم بتشريد المدنيين بالقوة، وعلى الرغم من هذا الاستنتاج، وبدلاً من الوقف الفوري لعمليات نقل الأسلحة، لا تزال إدارة بايدن ترسل “صينية” تسلح لا نهاية لها إلى إسرائيل.”
ويستشهد الكاتب بقول بول روج: “إن استخدام إسرائيل للقوة غير المتناسبة هو تكتيك راسخ منذ فترة طويلة بهدف واضح.”، وختم مقالته: “يجب إصلاح العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل عندما تنتهي هذه الحرب ويبدأ ذلك بتطبيق القوانين والأنظمة الحالية بشكل موحد على صادرات الأسلحة، حتى مع إسرائيل.”.
المصدر – الغارديان