وفي العلاقة مع أميركا وإسرائيل نتحدث عن امتداد وتشابه حقيقي لأميركا ذاتها لأنهم أي الأميركيون يعتبرونها في غالبيتهم جزءاً من الوطن، فهي التعبير عن الذات الأميركية بشكل مكثف ومركز، فما الذي تعيبه على “إسرائيل” إذا كنت أميركياً فإذا تحدثت عن سكان أصليين هم الفلسطينيون فأنت قتلت السكان الأصليين وإذا تحدثت عن التوسع والاستيطان فأنت توسعت واستوطنت وطردت واشتريت بعض الأرض بقدح من خرز وثمن بخس فأنت لا تستطيع أن تعيب أمراً على إسرائيل أنت مارسته، وإلا ستكون غير وفي لتاريخك أو متصالحاً معه ولو أردت أن تعيب على إسرائيل سرديتها الدينية التي تتكلم عن شعب الله المختار وأن الله قد خصهم بالأرض من غير البشر، فإنك أيضاً ستعيب على نفسك لأن ادعيت ذات الادعاء حيث جئت بالإنجيل لتعلم وتدرب أناساً أسميتهم المتوحشين وتدلهم على الطريق القويم والإيمان لذلك علينا أن لا نستغرب العلاقة بين أميركا وإسرائيل فهما حالة واحدة متشابهة في البنية فلا تناقضات جوهرية بينهما، بل حالة من التماهي ولربما تختلف الإدارة المركزية الفدرالية في واشنطن مع بعض الولايات أكبر بكثير من خلافاتها مع بعض الولايات، فالخلافات إذا حدثت مع إسرائيل فهي خلافات في البيت الواحد والأسرة الواحدة ولعل هذه العلاقة الخاصة هي التي تبقي إسرائيل قاتلة مجرمة لا تكترث بأحد ولا تخشى لومة لائم، زد على ذلك أن القانون الدولي والشرعية الدولية أساس انتاجهما هو الولايات المتحدة الأميركية فعندما تقول أميركا لا.. فهذه هي الشرعية الدولية والدليل ما يجري في غزة فالتماس القانون الدولي والشرعية الدولية في ظل هكذا حالة هو ضرب من الخيال والعبث فالشيئ الوحيد الذي تحترمه أميركا وتتعامل معه هو موازين القوى ولا تعتد بأي شيئ غير ذلك من عواطف وكلام ومجاملات سياسية وتتعامل مع مصالحها وليس لها حليف أو صديق فمثلاً كان شاه إيران محمد رضا بهلوي أهم حلفائها ومحققاً لمصالحها، وعندما سقط بفعل الثورة الإيرانية لم تسمح لطائرته الهبوط بأميركا لأخذ العلاج لا بل إن بعض الوثائق في أجهزة المخابرات الأميركية تشير إلى أن أميركا كانت مستعدة لتسليمه لحكومة الثورة الإيرانية مقابل إطلاق رهائن السفارة الأميركية المحتجزين في طهران، فأميركا لا تحترم عملاءها على الإطلاق، ومثال آخر من مصر في أثناء حكم السادات قام بمفاجأة دون أن يخبر بها أحداً..وهي طرد الخبراء العسكريين السوفييت من مصر عام 1972 وتوقع أن أميركا ستكافئه على ذلك، ولكن ذلك لم يحصل وعندما سأل هنري كيسنجر عن ذلك وهذا وارد في مذكراته أجابه إنك قمت بذلك العمل دون أن تستشيرنا بذلك ونحن نعتبر ذلك هدية مجانية منك والهدية لا يكون لها ثمن فلو كنت قد حدثتنا بذلك قبل القرار وطلبت ثمناً لكنت قد قبضته مقابل ذلك القرار، وهذا يدل على غياب التفكير الاستراتيجي عند الحكام العرب الذين تعاملوا مع أميركا لا سيما وأن أميركا فكرت بتحالف مع حاكم في المنطقة منذ تيودور روزفلت لتعتمد عليه فلم تجد إلا أتباعاً أو زبائن وليس حلفاء إلا الكيان الصهيوني وما عدا ذلك حراس مصالح وهو ما حصل بعد ذلك بثلاث سنوات عند إقامة الكيان الصهيوني بوصفه وكيلاً.