الثورة _ لميس علي:
هل فعلاً “نحن ما نملكه”..؟
وهل تحدّد الأشياء التي تحيط بنا، معيشياً، أو تلك التي نمتلكها، هويتنا..؟
بعضُنا يفني عمره كاملاً في سبيل تحصيل أشياء وممتلكات مادية كنوعٍ من تحقيق فكرة (الأمان) أو ربما (المكانة الاجتماعية المرموقة)..
والبعضُ الآخر يتعلّق بأشيائه حتى وإن لم تكن ذات قيمة مادية كبيرة.. كأنه يبني علاقة معها ويعتاد عليها..
فما قيمة الأشياء من حولنا.. وما مدى احتياجنا للكثير من الأغراض التي نجمّعها بوعيٍ أو دون وعي طوال الوقت..؟
ربما كان بعضها يحسّن من جودة حياتنا.. وهنا تتطور الحاجة المادية لتغدو نفسية..
لكن كيف تنبني علاقتنا بالأشياء والأغراض المحيطة بنا..؟
وهل تزيد حاجتنا إليها مقدار تعلّقنا وحبّنا لها..؟
بمعنى تزداد درجة أهميتها لدينا حسب وظيفتها.. سواء أكانت وظيفة مادية ملموسة أم نفسية.
ثمة (أشياء/معانٍ) غير مادية ولا هي ملحوظة، تتكدّس “معنوياً” في تلك المادية الملحوظة..
كأن تتكوّم فيها مجموعة ذكريات ومواقف، وبالتالي فيها خزّان معانٍ.. نرغب أن نتخلّص منها أو نحتفظ بها بحسب موقفنا من تلك المعاني..
أكانت سلبيةً أم إيجابيةً.. سعيدةً أم حزينةً..
تجذبنا أم تنفّرنا.. تستفزنا أم تهدّئنا..
هكذا نُنشئ علاقة عاطفية مع أشيائنا، أغراضنا، وممتلكاتنا..
لأنها، باختصار، تُعيد تذكيرنا بمن كنّا، أو بما نحن عليه.. ارتباطاً بدلالاتها وشبكة صلات وعلاقات تُقام حولها بوسيلتها.
تقول إحدى الدراسات: إن مشترياتنا الفخمة وممتلكاتنا الفاخرة تحسّن من جودة عمل “الدماغ”، لأنها تزيد من إحساسه بالمتعة..
هل يعني الأمر أن ما نمتلكه من ماديات يحسّن حياتنا ويجعلها أكثر سعادة قياساً إلى ما نمتلكه من مقتنيات غير مادية (فكرية، شعورية، ومعنوية)..؟
وإن أمكننا التخلّص من “كراكيبنا” الظاهرة، كيف يمكننا التخلص من “كراكيب” الذاكرة والعاطفة..؟
ثم ماذا عن تلك الأشياء ذات الاستخدام اليومي..؟
ألا تشكّل جزءاً مهمّاً من تفاصيل يومياتنا.. وربما تطوّر تأثيرُها وتصاعدت قوّتها لتغدو مُسيّرةً لمفاصل حياتنا.. فيرتقي استخدامها من “استهلاكي” إلى شيء “حميمي ووجداني”..
وبمقدار ما يرتفع منسوب هذا “الحميمي الوجداني” ضمن أشيائنا، نرتبط بها وتعني لنا..
وربما فجّرتْ نبعاً مختزناً من مشاعر أو بركاناً من غضب.. إذ يحدث أن تختزن الأشياءُ أحاسيسَنا وتجاربَنا الشعورية.. تتراكم داخلها لحظاتنا وربما أعمارنا.