الثورة – دمشق – غصون سليمان:
تعد شيخوخة السكان أحد أكثر الاتجاهات الديموغرافية تأثيراً في القرن الواحد والعشرين، إذ إن الانخفاض المتزامن لمعدلي الوفيات والخصوبة في معظم البلدان حول العالم يؤدي إلى تزايد التحديات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ولكن يمكن النظر إلى هذه الظاهرة من جهة مختلفة، حيث إنها تفتح في المنظور القريب” نافذة ديموغرافية”.
وحسب مؤشرات الاستراتيجية الوطنية لحماية كبار السن التي تم إطلاقها في الرابع عشر من الشهر الحالي فإن الجمهورية العربية السورية تشهد تغيراً وارتفاعاً لأعداد كبار السن، وبالتالي ارتفاع نسبتهم من إجمالي السكان، فقد وصل عدد كبار السن إلى نحو ١،٥٩ مليون في العالم، وباتوا يشكلون ما يقرب من ٨% من إجمالي السكان، ويترافق ذلك مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع عند الولادة إلى ٧٢ سنة”عند الذكور ٦٩،٥ سنة، وعند الإناث ٧٦ سنة، ومن المناسب البدء بتحضير السياسات والأرضية اللازمة لمواجهة تحديات شيخوخة السكان واستثمار النتائج الإيجابية لها في الوقت نفسه.
احتياجات مستجدة
القائمون على وضع الاستراتيجية الوطنية لحماية كبار السن ورعايتهم في سورية أكدوا أنها تندرج للسنوات ٢٠٢٣- ٢٠٣٠ في إطار الجهود التي تبذلها سورية للاستجابة لأولويات السكان واحتياجاتهم المستجدة، وذلك عبر البرنامج الوطني التنموي لسورية لما بعد الحرب.
هذه الاستراتيجية تعكس- حسب رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان المهندسة سمر السباعي- التزام الدولة ببناء بيئة داعمة لكبار السن تحترم خصوصيتهم واحتياجاتهم وتتلاشى مع المقاربات الحديثة لقضايا العمر وشؤون كبار السن، فهي ترتكز إلى مفهوم دورة الحياة، وتتبنى مقاربة التحضير الجيد للشيخوخة النشطة، مبينة أن الهدف هو إبقاء كبار السن في محيطهم الطبيعي، أي في كنف عائلاتهم ومجتمعاتهم تحديداً، إلى جانب تفعيل دورهم كمساهمين في مسيرة التنمية، خاصة وأن الاستراتيجية تتلاءم مع الأطر الدولية ذات الصلة ولاسيما خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة، وأجندة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠.
الاستراتيجية الوطنية التي أنجزت بدعم من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وتم إعدادها بالتعاون مع عدد من الخبراء والأكاديميين، عرفت كبار السن على أنهم الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ٦٠ عاماً، ولهؤلاء الأفراد الحق في التمتع بالرعاية الصحية والاجتماعية والمعنوية، وحمايتهم من الإهمال والتهميش والاستغلال والإساءة، كذلك المشاركة في حياة مجتمعهم بما ينسجم مع خبراتهم وقدراتهم وتطلعاتهم.
فرؤية الاستراتيجية.. أن يعيش جميع كبار السن بكرامة في بيئة حاضنة وداعمة تقدر عطاءاتهم وتستثمر طاقاتهم وتستفيد من خبراتهم.
أما الرسالة الأساس فتكون بتوفير الظروف المثلى لشيخوخة نشطة وصحية في ظل مجتمع تتكافل أجياله فيما بينها، ويراعى فيه احتياجات جميع الفئات العمرية من دون تمييز.