فؤاد الوادي:
يثير صمت المنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حيال جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة، مزيداً من الاستغراب والاستهجان والدهشة، إلى الدرجة التي يقف معها الإنسان عاجزاً عن التعبير إزاء سياسة “صمت الموتى” التي تنتهجها تلك المنظمات حيال قتل عشرات آلاف الفلسطينيين بشكل عام، والصحفيين على وجه الخصوص.
بات الجميع يعلم أن هدف الكيان الصهيوني المجرم من وراء قتل الصحفيين، هو قتل الحقيقة، لأنهم يمثلون شهوداً على ممارسات وأفعال الكيان الإرهابية والإجرامية التي لا يزال يرتكبها بكل وحشية وشراسة، لذلك هم باتوا بالنسبة له أهدافاً لآلته العسكرية وقناصته الذين يقتلونهم على شاشات التلفاز وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع.
لكن ما لا تعلمه تلك المنظمات الدولية التي تدعي الحرص والدفاع عن حياة الإنسان، أو ربما تعلمه لكنها تتجاهله عن عمد، أن صمتها المخزي هو بمثابة فعل إجرامي يعاقب عليه القانون الإنساني والوضعي، لأنها بصمتها هذا هي شريكة لإسرائيل في قتلها للصحفيين والمدنيين الأبرياء.
لقد فشلت تلك المنظمات بكل الاختبارات والتحديات التي واجهتها لحماية الصحفيين طيلة عقود الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية، وهذا يعزى كما بات معروفاً لارتباطاتها وتبعيتها السياسية والمالية التي تؤثر على قراراتها ومواقفها، لاسيما ارتباطاتها بالولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري التي جعلتها مجرد أدوات وغطاء لجرائمها وممارساتها الاحتلالية والاستعمارية، لكن ذلك لا ولن يعفيها من المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية التي تحتم عليها الوقوف وقفة عادلة للتاريخ، لا أن تبقى صامتة صمت الأموات في القبور.
96 صحفياً قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانها على قطاع غزة، ولا يزال الباب مشرعاً لها لقتل واستهداف المزيد، لأنها لم تجد من يحاسبها ويردعها أمام هول المجازر والإبادات الجماعية التي ترتكبها بحق الأطفال والنساء والأبرياء.
يذكرنا صمت المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حياة وحقوق الإنسان اليوم، واليوم معها منظمات العالم الإعلامية، يذكرنا بذاك الصمت الذي انتهجته عندما كانت التنظيمات الإرهابية تقتل وتذبح السوريين بدعم وغطاء أمريكي وغربي معلن، وتذكرنا بذاك الصمت الذي كانت تنتهجه أيضاً عندما كانت الولايات المتحدة والغرب الاستعماري يقتلون شعوب المنطقة في العراق وليبيا واليمن وأفغانستان، لذلك لا يفاجئنا هذا الصمت، بقدر ما يفاجئنا هذا الإصرار والتواطؤ المفضوح لقتل الإنسانية باسم الإنسانية وتحت رايات وشعارات الدفاع عن حقوق الإنسان.