ناصر منذر:
يمتلك كيان الاحتلال الإسرائيلي سجلاً حافلاً بجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبها ولم يزل، طيلة العقود الماضية، منذ اغتصابه أرض فلسطين، وحتى يومنا الحاضر. وبالإضافة إلى الأطفال والنساء كضحايا لجرائم الاحتلال، فإن للصحفيين والإعلاميين نصيب كبير من عمليات الاغتيال الممنهجة التي يمارسها الاحتلال بحقهم، وقد تنوعت أساليب انتهاك حقوق الصحفيين والإعلاميين بين القتل العمد، والاعتقال، والتنكيل، والتهديد، ليصل الأمر إلى استهداف أسر الإعلاميين، وتدمير منازلهم فوق رؤوسهم، وقد بدا ذلك واضحاً خلال العدوان الوحشي المتواصل على قطاع غزة، إذا وصل عدد ضحايا الاحتلال من الصحفيين إلى 96، فضلاً عن تدمير مؤسسات إعلامية بكاملها.
ورغم أن الصحفيين بعرف القانون الدولي، هم طرف محايد، ولهم حصانتهم القانونية، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يعتبر نفسه فوق كل القوانين الدولية، ولا يعير أي وزن للمعايير الإنسانية والأخلاقية، فيرى أن كل من ينقل الحقيقة عدو له، ولا يتوانى عن استهدافه بأحقاده العنصرية، وقد تحول الصحفيون والمراسلون في غزة، إلى بنوك أهداف للاحتلال، فقط لأنهم ينقلون صور مجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الأطفال والنساء.
الوقائع والمعطيات، أثبتت بأن الاحتلال الإسرائيلي يمارس غريزة القتل العمد بحق المدنيين العزل، ويهدم المنازل ويدمر البنى التحتية في قطاع غزة، وأيضاً يستهدف الإعلاميين، ومباني مؤسساتهم، بضوء أخضر أميركي، وبدعم واضح من الغرب الجماعي، ورغم الإدانات الدولية الواسعة، والمطالبات المتزايدة بضرورة التحقيق في جرائم اغتيال الصحفيين، إلا أن غياب المساءلة والمحاسبة الدولية، تمنح كيان الاحتلال الغطاء لارتكاب المزيد من الجرائم، بحق ناقلي الحقيقة إلى الرأي العام العالمي، من أجل مواصلة الاحتلال، ومعه وسائل الإعلام الغربية، نشر الأضاليل والأكاذيب، لتكريس الرواية الصهيونية، وهذا ما بات مكشوفاً للعالم أجمع، والذي أصبح معظمه يدحض زيف أكاذيب الإعلام الإسرائيلي المضلل، وكذلك الأضاليل التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية الداعمة لجرائم الاحتلال.
لا شك بأن محاولات الاحتلال المستمرة لترهيب الصحفيين، لن تثنيهم عن مواصلة أداء مهماتهم في نقل الحقيقة، وبفضل الشهداء الإعلاميين، ومهنيتهم، فقد انكشفت حقيقة هذا الاحتلال، وطبيعته الإجرامية، ولذلك فإننا نشاهد يومياً عشرات المظاهرات المنددة بجرائم الاحتلال، والمتضامنة مع أهالي غزة، في مختلف أنحاء العالم.