الصورة الحاضرة

 

 

مصطفى المقداد

أطالع وجهي بين آلاف الوجوه العابرة، وأحاول التقاط حركاتي وممشاي وتنقلاتي في الفترة التي أظن عشتها يوماً ما. وأسعى لتقييم ملامحي علّي أحظى بها في بعض عيون العابرين، وإذ تتسارع خطواتهم وتتباعد ملامحهم وأعجز عن ملاحقتها ويتم محو تفاصيلها، كما تتبدد أجزاء غيمة بيضاء في مساءٍ صيفي قائظ، فإني أفتقد قدرتي على التركيز الدقيق وأخسر لحظات الوعي.

ساقتني أقداري للمرور في ممرات الجامعة وحدائقها، تلك الجامعة التي عشت فيها زهو أيامي، وبين جدرانها نسجت الكثير من أحلامي، وهي إن  صغرت وتلاشت حلماً إثر آخر، فأراني حيناً أكاد أجزم أنني لم أمر بها يوماً، ولم أتنقل بين مدرجاتها وقاعاتها، ولم أدخل مختبراً بها، حتى ولا عرفت أروقتها ولا مكاتب أساتذتها،  ممن ارتبطت علاقتي بهم ليومي هذا بكثير من الود والاحترام.
أكاد لا أعرف قاعات الدرس التي جلست على مقاعدها لسنوات، وأنا أسعى لحجز مكان لغائب أرجو حضوره وجلوسه إلى جانبي، وأنا أرمي بكتاب أو كراس، وحتى بقلم بسيط منعاً لملئه من متطفل ثقيل الظل.
ولطالما انتظرت وقتها طيفاً يجالسني في كل محاضرة، لكنه لم يأت حتى اليوم، وها أنا حتى اليوم لم أنس تفاصيل وجهه الملائكي.
المكان كله يكاد ينطق بالرفض والتذمر من حاله، فتلك الأنوار والحركة والحيوية التي شهدها قبل عقود، غاضت وضاعت كلها وسط شحوب الضوء المتسلل من النوافذ الواسعة، وكأنه خطوات عجوز لا يقوى على الحركة، فيما كان ذلك النور يغزو المكان بقوة رغم مئات الصور والملصقات واللوحات التي اعتدنا تزيين تلك الألواح الزجاجية بها، فما كانت تقوى على منع النور من إضاءة أرجاء البناء الكبير، بينما هو اليوم يظهر معتماً، تعجز المصابيح عن كشف جنباته وزواياه البعيدة، فما الذي تغير؟ وما العاديات التي عصفت بتلك الأماكن العزيزة ذات التاريخ العصي على النسيان حتى أخرجتها خارج سياق التاريخ القريب؟
لا يتعلق الأمر بالمكان بالقدر الذي يتعلق بذواتنا ونفوسنا المتعبة، فقد خضنا غمارات أحزان ومشكلات حطمت قلوبنا المتعبة، وتركتها نهباً لعواصف العبث والخراب، فظهرت الندوب الصغيرات جراحات كبيرة لا تنتهي، وتراجعت حدود الفصول وربما تداخلت أكثر فضاعت تلك الحدود الفاصلة بينها لتلقي بنا في مجاهيل الوعي وتبدد الرؤى.
إن سنين الضنك والحاجة تخرج الحليم عن منطق الحياة، وتفرض عليه سيطرة الواقع البائس، ليكون الرد رفضاً لحال الانكسار وإصراراً على رؤية الضوء المتسلل من ثقوب الجدران القديمة مفتاح نور يعيد الألق المفقود لتلك الأبنية العتيقة وهي تحافظ على أصالتها.

آخر الأخبار
شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري سقاية مزروعات بمياه الصرف الصحي بريف دمشق إزالة التجاوزات على خط دفع مياه الأشعري المغذي لمدينة درعا ألمانيا تجدد التزامها بالدعم الإنساني في سوريا مجلس الأمن يناقش تقرير الأمم المتحدة حول استمرار تهديد داعش في سوريا والعراق دعوات للإفراج عن المتطوع حمزة العمارين المختطف في السويداء الرئيس الشرع يستقبل وفداً من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين