الثورة – سمر رقية:
تعد قلعة الكهف واحدة من أهم قلاع سلسلة الجبال الساحلية، ضمن محمية طبيعية رائعة الجمال والمناخ، ومن الممكن وضعها ضمن برامج وخطط السياحة المحلية والعالمية، وزيارتها كمعلم تاريخي أثري غني، يتمتع بقيمة تاريخية وثقافية مميزة بالإضافة لموقعها الجغرافي الطبيعي المميز.
الموقع الجغرافي
وعن أهمية قلعة الكهف التاريخية وموقعها الأثري بيّن مدير آثار طرطوس المهندس مروان حسن لصحيفة الثورة أن قلعة الكهف تقع شمال غربي مدينة الشيخ بدر وجنوب غربي القدموس على بعد 20 كم عن كل منهما، وتقوم فوق هضبة صخرية تأخذ شكلاً طولانياً باتجاه شرق غرب من المتعذر الوصول إليها، إلا من الجهة الشرقية وبصعوبة، بسبب الوديان السحيقة التي تحيط بها.
وبيّن أن القلعة بموقعها المحصن طبيعياً، كانت تعتبر المركز بالنسبة لقلاع “القدموس- العليقة– الخوابي– مصياف– الرصافة– أبو قبيس” التي ترتبط معها بأبعاد متساوية تقريباً ومتناظرة وتتواصل بواسطة الشهب النارية، موضحاً أن معنى القلعة باللغة السريانية، الأرض الصخرية غير الصالحة للزراعة، والحصن الممتنع على الجبل، وقلعة الكهف مزرعة تتبع قرية المريجة في منطقة الشيخ بدر.
تاريخ القلعة
وأكد م. حسن أنه لم يرد ذكرها في المصادر التاريخية القديمة، ولكن هذه القلعة سكنت خلال الفترة الكلاسيكية، مع أن شواهدها المعمارية القائمة تشير إلى أنها تعود إلى بداية القرن الحادي عشر الميلادي، وبنيت القلعة على غرار قلعة آلموت في بلاد فارس على بحر الخرز و”آلموت كلمة فارسية تعني عش النسر”، التي اتخذها حسن الصباح عاصمة له، كزعيم للفرقة أو الحركة التي أسسها، وإن موقعها الحصين كان حافزاً لداعي دعاة الفرقة في بلاد الشام الشيخ شهاب الدين أبو محمد الملقب “الفراسه” أن يجعل منها مقراً له كرئيس للفرقة ومركزاً لتخريج المقاتلين المدربين، الذي كان لأعمالهم صداها في أرجاء العالم الإسلامي من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً.
الوصف المعماري والأثري
يأخذ مبنى القلعة شكلاً طولانياً، وتبلغ مساحتها 43396م2، وهي متهدمة ومهجورة الآن، يلاحظ بقايا سور يحيط بها، وثلاثة أبراج متهدمة من الشرق والغرب والجنوب، ويتم الدخول إليها عبر ثلاثة بوابات متتالية، والقلعة الأساسية محفورة في الصخر، وفيها آبار لتخزين المياه، كما كانت تصلها المياه بقناة فخارية من عين تجري على بعد 2 كم منها.
وبيّن أن أهم معالمها التي ظهرت بعد إزالة الغطاء النباتي نتيجة لأعمال التنقيب التي تمت في الموقع، واتضح الحمّام ومكتوب على بوابته الرئيسة: “بسم الله الرحمن الرحيم ادخلوها بسلام آمنين على الله فليتوكل المؤمنون”، أمر بعمارة هذه الحمّام المباركة المولى العادل المولى القادر سراج الدين، بعد تجاوز البوابة الثانية، وظهرت كتابة بعض الآيات القرآنية في الجدار المواجه للبوابة الثالثة المتهدمة، إضافة لمبنى يعتقد أنه مركز ديني وأدرج وجدران حجرية، وفوهات ومداخل تؤدي إلى عقود حجرية، وعمود بتاجين مختلفين على أحدهما رؤوس بشرية ذات ملامح فارسية، والآخر مربع ذو زخارف هندسية، و قطعتان حجريتان عليهما رسم بوابة قوسية بداخلها أسد متأهب.
الوضع القانوني
وبيّن م. حسن أن القلعة سُجلت أثرياً بموجب القرار رقم 8/ أ لعام 1959 كمحمية طبيعية في عام 2010، من قبل وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، بمساحة 26 هكتاراً، لكن القرار عدل في عام 2012م ليصبح 86 هكتاراً، بما فيها قلعة الكهف ومحيطها.
وعلى الرغم من إمكانية الوصول إلى القلعة من خلال الطريق المعبد الذي تم تنفيذه سابقاً ليصل إلى جوار القلعة، إلا أن الخدمات السياحية اللازمة للسياح غير متوفرة في المكان، كما أنها بعيدة نسبياً عن التجمعات السكنية والريفية.
ولفت م. حسن إلى أنه بالرغم من أعمال التنقيب والتعشيب الهامة التي تمت سابقاً، والتي كشفت عن العديد من المعالم والدلائل الأثرية والمنشآت المعمارية ضمن القلعة وجوارها، إلا أنها لاتزال بحاجة إلى المزيد من هذه الأعمال لإبرازها وكشف معالمها بالكامل، مع ضرورة إزالة الأشجار والشجيرات الموجودة على الجرف الصخري الحامل للقلعة.