تتوارى قصص كثيرة تحت الثرى مع بقايا الشهداء وآلامهم وأصواتهم التي تخترق الآفاق، وتندمج تلك القصص مع قصص الأحياء المكابدين قسوة القصف وأنواء الشتاء، وسطوة الجوع والمرض، ومرارة التهجير القسري تحت التهديد بالحديد والنار.
الأحداث تتلاحق في الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة، وتأتي الأخبار من هنا وهناك معلنة عن الدمار والقتلى والجرحى، والمزيد من القصص الفردية والجماعية للنازحين وأكوام اللحم الصغيرة التي تئن من الجوع والمرض، وتخبرك عن تكدس الفلسطينيين في خيم لا تقي البرد وتختصر جميع أنواع البؤس الإنساني.
غزة تعارك جميع صنوف ومظاهر الموت، والعالم يتفرج ويترقب إيقاف القتل وإدخال المساعدات، لكن القرار الغربي على ما يبدو لم يصدر بعد لكيان الاحتلال لوقف حمام الدم بحق الغزيين الذين أجلوا مراسم الدفن والعزاء، وقتلوا الحزن في مهده وهم الأقدر بما مر عليهم من أهوال على استيعاب الصدمة، والتسامي على الجراح والآلام.
آلة الموت لم تتوقف وما زالت تحصد القتلى بالقصف الإسرائيلي، والحصة الكبيرة من حفلة الموت من نصيب الأطفال والنساء والشيوخ، ناهيك عن استهداف عائلات بأكملها، مما يبرر عبارات يتناقلها الفلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي، تقول (من المهم أن يكون لكل عائلة شخص في الخارج)، وفي ذلك تبيان واضح لحالة الإبادة التي يمر بها الأهالي في القطاع المحاصر.
الهجمات البربرية ضاعفت من مأساوية الوضع في القطاع، ودمرت عشرات آلاف المنازل والمدارس والمباني العامة والتجارية، وتبدو عملية إعادة بنائها شبه مستحيلة، لأن الحصار الإسرائيلي المضروب على غزة يمنع دخول أي شيء للأكل والبناء.
“إسرائيل” ممعنة في ممارسة كل وسائل العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، باستمرارها في القصف وفرض الحصار المشدد على غزة، لكن داخل القطاع يعيش الفلسطينيون حياتهم اليومية برغم حجم البؤس الكبير، ويبذل الأهالي قصارى جهدهم ليعيشوا حياة تقاوم الموت في ظل الحصار المشدد والظروف القاسية الناجمة عنه، وهذا مؤشر على قوتهم وتصميمهم على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وآلة الموت التي تخيم على القطاع المنكوب.
منهل إبراهيم