الثورة – زينب درويش:
عندما نتذكر أن الليلة التي تمضي لا تعود، وكذلك العمر لا يمكن أن يستعاد، يتحتم علينا أن نخلع ملاءة الحزن والغم وندخل فضاء الأمل، لأن تطلعاتنا من البديهي أن تكون للأمام دائماً.
على الرغم من أن ما مضى من أحداث بكل تفاصيلها أرهقت الناس، فصار البعض يدور في حلقة مفرغة بدايتها الصباح الباكر ونهايتها مع حلول آخر الليل، ومع آخر واجب يقوم به تجاه أسرته، ومثله لتأمين لقمة العيش.
وهنا تستوقفنا لحظات نستحضر فيها الأيام المنصرمة كحياة لها حصانة الماضي كي نحمي كرامة سنين عشنا فيها عيشة راضية في حضن بلادنا العزيزة، وتتراءى أمام أعيننا وترتسم في خيالنا كأنها عجوز قد رحلت وغابت عنا، فيما فسحة الأمل تتسع وتتسع لتنسج الشمس خيوطها الذهبية المختبئة وراء جبال الصقيع لتبدد ظلمتها وراء تلك الجبال وفي كل مكان أيضاً.
فنسعد حول اللهب كفراشات تتراقص في فضائها، ومهما يكن ما نقف عليه من ظروف غير مستقرة وبمرحلة مفصلية تمتاز بتغير تفاصيلها بين الحين والآخر، فإن الأمل ينمو بداخلنا ويمنحنا شعوراً بأننا سنشهد الحسم بين الحزن والفرح، فتتوضح معالم سفينة النجاة وتباشير الطوفان، وكلنا أمل بغرق الأباطيل والظلم.
فلنا في الأمل حياة وما نفع الحياة بلا أمل؟
إنها كصحراء لا نبات فيها ولا روح، بل كليل أسود حالك بلا نهار، وبالأضداد تكتمل الصور وتنساب بداخلها التعابير كانسياب مجرى جدول حر راسماً طريقه كالولادة الجديدة تماماً.
وريثما يتم كل ذلك يجب أن ينجز كل مواطن سوري شريف يؤمن بهذه البلاد وبانتمائه لها وأنه جزء من القرار ككل في وطن له في المجد مرتبة تهاب، وبهذا الشعب وبسورية تاريخ مشبع بالمجد والسؤدد والعطاء، حافل بالبطولات والملاحم التي خطت بماء من ذهب وترجمت على يد أجدادنا الأبطال والمغاوير الذين أبدعوا وفاقت عظمتهم كل وصف، وأبلغ تعبير لما كان ويكون، بل المثل الأعلى والأحجية التي حيرت العالم.
سورية الجميلة الرائعة الصامدة تلك اللؤلؤة الفريدة تستحق أن تكرم بين العرب، وترفع لها القبعات وتلوح فوق سمائها الرايات كبدر ذات تاريخ مجيد، مظهرة القوة الروحية التي تتمتع بها، المستمدة من مسك الأجساد وعنبر الدماء، مثل منارة لا تضلها الأجيال في المستقبل.
إذ لا شيء محال عندما يقوم كل مواطن بدوره المطلوب على أكمل وجه، ملتحفاً بأداء الواجب.
وإن كان لابد من الانتقاد والعتب والملامة، فليكن في مكانه وزمانه المناسبين من الضرورة والحاجة، ولنتهيأ ونستعد لكل ما هو قادم، فالمعركة لم تنته بعد، وبالتالي ما أحوجنا للعقل عندما تحل الخطوب وتنزل بنا النوائب.. حفظ الله سورية وشعبها وجيشها وقائدها من المخاطر وتوّجها بالسيادة والعزة.