الثورة – يمن سليمان عباس:
ثمة قول معروف إن الحقيقة لا تكاد ترتدي ثيابها حتى يكون الكذب، وهو عار قد طاف العالم كله.
هذا القول كان قبل أن يضع العلم بين أيدينا المزيد من وسائل الاتصال التي شوهت كل شيء وخرجت عن وظيفتها الأساسية، بل نحن من أخرجها من ذلك، ومن المعروف أن لكل وسيلة اتصال ثقافتها وعاداتها وتقاليدها، بدءاً من أول وسيلة التي هي النداء بالصوت وصولاً إلى آخر ما ابتكره العلم من وسائل أسرع من الصوت بل والضوء أحياناً.
كان المفروض أن تكون وسائل للتفاعل الاجتماعي ونشر الجمال القيمي والأخلاقي ومعرفة الاحوال كما هي على الاقل.. ولكن ذلك ليس موجوداً إلا في أقله وندرة نادرة من يقف عند ذلك.
وفي قراءات لما وراء القناع الأزرق توقف الكثيرون وحاولوا رصد مظاهر انتشرت في المجتمع الأزرق.. ولو كانت حقيقية لكنا بألف نعيم، يقول أحدهم بعد متابعات لما وراء هذه الأقنعة وطبعاً نقلاً عن المواقع: (في الإنترنت يرتدي الرجال قناع الرجولة، وترتدى النساء رداء العفة، جميعهم يوسف، وجميعهن مريم،
في الإنترنت امرأة عزيز أخرى تراود رجل على حبها، ورجل لا يتمنع).
المشكلة أن الكل رومانسي والكل متحضر والكل مثقف، والكل أبيض والكل نقي !!
الكل فارس والكل شجاع، والكل يطالب بالديمقراطية، والكل يلعن، متخفياً تحت رداء الاسم المستعار!
الكل ابن عز والكل ابن ناس، والكل أبناء شيوخ، والكل يعيش في القصور والكل ينام على الحرير!
في الإنترنت، يعشقون من أول محادثة، فكل إضافة جديدة (صيدة) وكل رسالة خاصة (صيدة) وكل وردة في رد (صيدة)!!
في الإنترنت، لا يتقدم العمر بأحد، فلايوجد رجل مسن، ولا توجد إمراة قبيحة، فكلهن ملكات جمال، وكلهم فرسان قبيلة! إلا من رحم ربي.
في الإنترنت، الثمار ليست على بذورها، فلا تنتظر أن تحصد ما زرعت، فقد تزرع الوفاء وتحصد الخيانة!!
في الإنترنت، كل الاحلام وردية، وكل الوعود وردية، وكل الحكايات وردية، وكل الليالي وردية، ووحده الواقع (أسود) !
وينهي مقولته: ليس الكل كما ذكرت، وإنما الأغلبيه، بالله عليك لاتلبس القناع أمامي كن انت كن كما كنت!
كن على طبيعتك).. هي دعوة جميلة أن نكون نحن كما في الحياة العادية وجمال الإنسان أن يكون قادراً على تقييم وتقويم سلوكه والمضي بالعمر من دون هفوات وأخطاء ليس ممكنا.. فلسنا معصومين أبداً وجمال الأمر أن يكون لنا وجه واحد يقرأ الآخر فيه كل ما فينا مالنا وما علينا.
التالي