الملحق الثقافي-غسان شمه:
من عمان تطل علينا الكاتبة العمانية جوخة الحارثي من خلال عملها الروائي (سيدات القمر) الذي يشكل، بصورة خاصة، نوعاً من الإطلالة على الإبداع الروائي في عمان وعلى الإبداع الأدبي النسوي في تلك البلاد التي تحمل في بنيتها الاجتماعية والفكرية الكثير من السمات الخاصة ضمن بقعتها الجغرافية المتميزة بتاريخها وخصوصيتها..
الرواية تنقل القارئ بين عوالم وشخصيات متنوعة وغنية، كما أنها ذات خصوصية وإشكالية في مقاربتها لواقع المرأة، وما تبقى من زمن العبودية البائد، حيث تذهب السير الفردية في تعالق وتشابك فني وسردي لإقامة عالمها الروائي الذي يقوم فيه السرد على مسارين: الأول منهما يقدم معظم الأحداث والشخصيات، والثاني يأتي عن طريق عبد الله الذي يظهر كسارد ثان يروي الأحاديث الخاصة بحياته وعلاقاته مع مجتمعه، وشعوره نحوه لا سيما الأب الذي يبدو، في لحظة ما، أشبه بعقدة تحضر وتغيب في حياته باعتباره شخصية مركبة وذات طبيعة خاصة..
عبد الله الذي تزوج ميا، بعد أن هام بها، يترك لها حرية اختيار اسم لابنته «لندن» وهو ما أثار حفيظة من حوله.. كما تبدو علاقته مع الآخرين تخضع لحسابات مركبة على المستوى النفسي سواء مع أبيه أو عمته، أو ظريفة، العبدة التي حلت مكان أمه.. ويلفت القارئ في العديد من مواقفه أمام ابنته «ألم أقل لها إننا في الغربة نتعرف على أنفسنا بشكل أفضل كما في الحب».. وعندما تفشل ابنته في علاقتها مع خطيبها يقف بجوارها عكس الأم..
فيما تذهب ميا إلى النوم باعتباره «سلاحها الأخير ضد قلق وجودها البالغ».. ميا التي هامت قبل ذلك بكثير برجل «كان طويلاً لدرجة أنه لامس سحابة عجلى مرقت في السماء» ولكنه لم يكن أكثر من وهم..
رواية تقدم جوانب متنوعة وغنية من الحياة الاجتماعية والإنسانية في إطار لا يغيب عنه التاريخ وتقدم بيئتها وشخصياتها بلغة بسيطة ومعبرة.
العدد 1173 – 9 -1 -2024