الملحق الثقافي- حبيب الإبراهيم:
على عجل يجمع ُ أوراقه ويمضي تاركاً خلفه حكايات ٍ وحكايات ..حكايات ممزوجة بكل المشاعر النبيلة، المُفرح منها والمُحزن ، تتداخل الدروب وتتشعّب الطرقات، وحدها الأمنيات تقف كخيلٍ جموح، لا تبدّدها المسافات ولا طول الانتظار ..
على عتبات عام ٍ جديد تنداحُ الحروف والكلمات بعضها يحمل ُ العتب، ويحمّل في بعضه العام الذي مضى كل ّ الخيبات والانكسارات والفشل …؟! تكثر الدعوات البريئة، نفتح نوافذ الأمل، ننتظر الصباحات الجميلة …نستقبل العام الذي يُطل ّعلينا شئنا أم أبينا حاملاً معه بشائر الخير والمحبة والسلام، نرسم ُ بأحلامنا كلّ الأماني التي لم نحققها، أو حاولنا تحقيقها لكننا لم نستطع، تعثّرت هنا وهناك لظروف ٍ كثيرة بعضها خارج عن الإرادة، وبعضها الآخر لتقصير ٍ ما، والسعي الحثيث لنيلها، ولكنها على رأي أمير الشعراء أحمد شوقي (ومانيل ُالمطالب بالتّمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)
بعيداً عن هموم الحياة وواقعها المرير، بعيداً عن القضايا الكبرى وطنيّاً واجتماعياً وثقافيّاً، أثلجت دعوة الأستاذ ديب علي حسن المشرف على الملحق صدر َ الكتّاب والأدباء والإعلاميين بأن ينثروا عطر حروفهم وكلماتهم ومشاعرهم وأحلامهم وأمانيهم للعام الجديد، ووقفة متأنيّة مع ما تحقق خلال العام المنصرم على الصعيدين الشخصي والعام..
على الصعيد الشخصي أشعر بالرضا عمّا تحقق خلال عام ٍ مضى، فقد أنهيت عملي الوظيفي بخير وسلام ودخلت مرحلة التقاعد لبلوغ الستين، وهي مرحلة جديدة جميلة لها خصوصيتها، في الحركة والتواصل وتعميق العلاقات الاجتماعية مع الأقارب والأصدقاء و…
على الصعيد الإبداعي كان لي حيّز كبير في النشر في مختلف المجالات الإبداعية :شعر، مقالات، متابعات نقديّة، و….
الجانب الذي لم يتحقق خلال الأعوام السابقة ويتم ترحيله من عام إلى آخر إصدار مجموعاتي الشعريّة أو كتاباتي النثريّة لأسباب عديدة يأتي في مقدمتها الكلف المادية الكبيرة للطباعة و…؟!
كثيراً ما يسألني البعض لماذا لم تطبع أي مجموعة شعرية بالرغم من أنك تكتب منذ أربعة عقود ؟
كانت إجابتي دائماً أن تعليم الأولاد ومتابعة تحصيلهم العلمي الجامعي أهم من أية مجموعة شعريّة يمكن أن تُقرأ من قبل عدد قليل من القرّاء ..
في العام القادم من أولويات عملي إصدار بعض أعمالي الشعريّة والأدبيّة، وخاصة أن الأولاد أنهوا دراستهم الجامعية وأصبح التفكير بالأمر جدياً وواقعياً…
على الصعيد العام نقول للعام الجديد :
كيفما كنت ..دع الأفراح لنا ..خذ ما تُريد..مناديل الوداع ..تلويحات المتعبين ..هنا نحن ..القرى المستيقظة مع الندى ..دفاتر الأطفال يفرشونها مقاعد لا تعرف الخيبات ..أكفهم ترنو إلى المدى الأخضر …علم الوطن بعينيه الخضراوين يخفق مع قلوب وأفئدة تلاميذ وطلاب الوطن وهم ينشدون بفخر :حُماة الديار عليكم سلام …
هنا نحن ..زغاريد الأمهات ..أمهات الشهداء وهن يودعن من ارتقوا إلى العلياء وتجذروا في الأرض غاراً وسندياناً ..أملنا أن تنزاح هذه الغُمّة عن بلدنا، أن يعود الكثير من التجار إلى تحكيم ضمائرهم والاكتفاء بالأرباح المقبولة، أملنا أن يمضي الأطفال إلى مدارسهم والعمال إلى معاملهم والفلاحين إلى أرضهم وهم أكثر قدرة على البذل والعطاء من خلال تأمين الحاجيات والمستلزمات بعيداً عن الجشع والاستغلال والمضاربة والاحتكار ..
ونقول للعام المنصرم :
كيفما كنت سترحل وفي جعبتك الكثير ..أحبّة غادرونا بلا مواعيد ..آمال بُددت ..أملنا الأكبر تعافي الوطن من جروحه ..بلسمة الجراح ..نودّع عاماً بما فيه من حلو ٍ ومرّ…نستقبل ُ عاماً نعقد ُ عليه الآمال والطموحات ..نصلّي مع الشاعرة فدوى طوقان للعام الجديد علّه يحمل لنا في طياته الخير والحبّ والسلام …
في يدينا لك أشواق جديدة
في مآقينا تسابيح، وألحان فريدة
سوف نزجيها قرابين غناء في يديك
يا مطلاً أملاً عذب الورود
يا غنياً بالأماني والوعود
ما الذي تحمله من أجلنا؟
ماذا لديك!
أعطنا حباً، فبالحب كنوز الخير فينا
تتفجّر
وأغانينا ستخضرّ على الحبّ وتزهر
عام ٌ مضى ..عامٌ جاء، نأمل فيه الخير للجميع ..يزنر الوطن بالخير والسلام ..عام ٌ مضى ..عام ٌجاء ..مرحباً بك نرجو أن تحمل لنا كلّ الخير والأمنيات الجميلة ….
نفتح ُنوافذ الأمل علّنا نغسل تعب السنين ونمضي عبر بوابات لا تعرف الخيبة ولا الاستكانة، نمضي بثقة بالمستقبل القادم وبين أيدينا كل الدروب إلى الضياء والنور ….
العدد 1173 – 9 -1 -2024