مهـارات علاجيـة.. أم إســقاطات شــيطانية

هفاف ميهوب
يذكّرنا ما نراه على مواقعِ التواصل، من ترويجٍ للجَهلة والمنافقين والنصّابين، واستقطاب للعامة ممن لا يملكون وعياً كافياً، لتفحّص ما يُروّج له، أو حتى هدفه والمستفيد منه، وأثره على كُثر ممن يتفاعلون معه من المتابعين.
يذكرنا هذا، بقول الكاتب الكندي “آلان دونو” في كتابه الشهير: “نظام التفاهة”: “إن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام، ذلك أنهم أمسكوا بكلّ شيء، بكلّ تفاهتهم وفسادهم.. لقد تغيّر الزمن.. إنه زمن الصعاليك الهابط”.
نعم، هو زمن النقص الذي تُمنح فيه شهادات تقديرٍ فيسبوكية، لشخصياتٍ مجهولة وجاهلة، تدّعي إبداعها فتتضخّم لديها الذات، وتصبح الغوغاء على وسائل التواصل، هي من يقيّم وعيها، ويهلّل لثقافتها وإبداعاتها الاستعراضية.
المشكلة هنا، وبغضّ النظر عن هذه الشهادات والاستعراضات، هي أعداد المهووسين بإقامة دورات عبر “الأون لاين”، لتدريس ما يسمونه علوم منها “البرمجة اللغوية والعصبية” و”التنمية الذاتية” و”الوعي الروحي” و”التنويم الإيحائي” و”الطاقة والتنمية البشرية” وغير ذلك مما يسعون من خلاله، لاستقطاب متابعين ومعجبين طموحين، تمنحهم هذه الدورات التي يشاركون فيها، شهادات تتيح لهم مزاولة المهارة التي قدمتها، والقناعات التي بات أغلبهم يعتنقها، ومنها أن “في كلّ نسخة جديدة منهم، تنتهي علاقات وتخلق علاقات جديدة، ليبقَ فقط المنسجمون مع تردّداتهم، الذين تعاقدوا معهم لإخراجهم من نسختهم، إلى نسخة أفضل.”
المشكلة الأكبر والأخطر من كلّ ما ذكرناه، هي الأعداد الهائلة التي بدأت تتبارى، في الترويج لمهارتها وقدرتها العلاجية، بـ “علوم الطاقة” الروحانية والكونية.
نعم، تتبارى أعداد هائلة في استعراض قدرتها على المعالجة بالعلوم الطاقية، وعن طريق ممارسات، يُعرف منها “الريكي”.. أي الربط بين الطاقة الداخلية والكونية الإلهية.. أيضاً “البرانا” التي تُستخدم لإزالة الانسداد الذي يسبب أمراض الجسم والعقل، ويمنع تدفق طاقة الحياة الحيوية.
كُثر جداً ممن يزاولون هذه المهنة، ولا أقول العلوم، يؤمنون بأن هذه الممارسات، تمكّنهم من القيام بقدراتٍ خارقة، وبعد قيامهم وعلى حدّ زعمهم، بتدريب طاقتهم الداخلية على ما يجعلهم مثلاً، يدّعون قدرتهم على قراءة الأفكار والتخاطر واستدعاء الميت ومخاطبته، ومن دون حسابٍ للأخطار التي قد تترتّب عن سعيهم لمعرفة الماورائيات، أو كما يسمّى “فتح العين الثالثة، إضافة إلى القيام بـ”الإسقاط النجمي” الذي يدفع الإنسان لمحاولة الخروج من جسده، والتحليق بعيداً عنه، ومن ثمّ محاولة العودة إليه.
كلّ هذا وسواه، يزاوله كلّ من يعتبر نفسه قد أصبح “ماستر”.. أي “المعلّم الروحي” والمرجع للمعالجة بطاقة الحياة، وكلّ هذا أيضاً، جعل الساعين للحصول على هذا اللقب، يتسابقون لإقامة دورات تدريبية، عبر صفحات ومواقع إلكترونية، يجذبون إليها الكثير من المتابعين، بل ويحرّضونهم على التفاعل والتواصل، حتى عبر الرسائل السرية.
طبعاً، يطلب من يسمّي نفسه “الماستر” من تلامذته أو مرضاه، مقابلٌ ماديّ كبير، وقد يكون شخصيّ وسرّي مهين.. مقابلٌ قد لا ينتبه كثرٌ ممن يدفعونه، بأن النتائج المرعبة التي قد تنجم عن الممارسات الطاقية، قد تودي إلى الانفصام أو الجنون، وغالباً الموت، وقد سمعنا عبر وسائل التواصل عن حالاتٍ كهذه، وأعتقد أن كثرٌ من روادها، سمعوا بقصة موت أكثر من شاب وفتاة، بعد قيامهم بعملية الإسقاط النجمي.
نقول كلّ ذلك، مع علمنا وللأسف، أن أحداً ممن انساقوا ولا زالوا، وراء ما يروّجه تجّار العقول وصعاليك الحياة والدجّالين، ممن يستغلون السذّج باسم المحبة والسلام والتسامح والتشافي.
نقول: إن أحداً من هؤلاء لن يرتدع، عن تعلّم ومزاولة هذه الممارسات الشاذة، بل وسيبقى يفسح المجال لامتهانها أكثر، ولاستخدامها أكثر، وإلى أن تنتشر في مجتمعنا أكثر وأكثر، الحالات التي تتفاقم فيها الأمراض النفسية والعقلية.
فعلاً، هو زمن الأغبياء والفاسدين.. الزمن الذي صدق “دونو” عندما وصفه بذلك، وبأنه زمن التافهين والصعاليك..

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة