عَمِلَتْ وزارة الكهرباء خلال العام ( 2023 ) الذي انتهى وغادرنا إلى الأبد، على رفع استطاعة التوليد البخاري، ورخّصت للعديد من المحطّات والمشاريع الكهروضوئية والريحية، وقامت ما بوسعها للحفاظ على وثوقية شبكات نقل وتوزيع الكهرباء على كافة التوترات من خلال تنفيذ أعمال الصيانة، وإعادة التأهيل وتركيب الجديد من مكونات المنظومة الكهربائية في ظلّ العقوبات الاقتصادية الظالمة والإجراءات القسرية، إلى جانب تنفيذ استراتيجيتها للطاقات المتجددة عبر أعمال صندوق دعم استخدام الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة وتشجيع الاستثمار في هذا المجال ولكافة القطاعات.
هكذا أخبرتنا وزارة الكهرباء عند نهاية العام المُغادِر، وفي بعض التفاصيل أوضحت بأنها قامت بتنفيذ 76 % من محطّة توليد اللاذقية ووضعت المجموعة الغازية الأولى والثانية بالخدمة، والعمل جارٍ على تنفيذ المجموعة البخارية، كما تم الانتهاء من إعادة تأهيل المجموعة البخارية الأولى في محطّة توليد حلب الحرارية وأقلعت باستطاعة 202 ميغا واط إلى جانب المجموعة البخارية الخامسة لتصبح استطاعتها 404 ميغا واط.
وتعِد الوزارة أنه في القريب العاجل سيتم التحرك باتجاه إعادة تأهيل المجموعات الثانية والثالثة والرابعة، والانتهاء أيضاً من صيانة العنفتين البخاريتين الأولى والثانية في محطّة توليد كهرباء الزارة ورفع حمولتهما إلى 150 ميغا واط، والانتهاء من إعادة التأهيل والصيانة العامة للقسم الأول في محطّة توليد دير علي 1 باستطاعة 700 ميغاواط مع صيانة وإصلاح المحولة الرئيسية للعنفة الغازية الثانية في المحطة، والانتهاء من أعمال صيانة المجموعة البخارية الثالثة ورفع حمولتها إلى 80 ميغا واط، وكذلك صيانة المجموعة الغازية باستطاعة 34 ميغا واط في محطة توليد بانياس الحرارية.
وفي قطاع النقل والتوزيع أكملت الوزارة أعمال تنفيذ محطة تحويل الرستين مع استكمال تنفيذ الخطوط المنطلقة منها وتنفيذ واستبدال/260/ كم خطوط توتر متوسط و/466/كم خطوط توتر منخفض واستبدال ما يزيد على /756/ مركز تحويل لزيادة وثوقية الشبكة الكهربائية العامة على كافة التوترات.
الغريب في الموضوع أن هذا الكلام الذي يُثلج الصدر لم نلحظ منه أي شيء على الأرض بعد، فهديرعنفات المحطّات التي جرى إصلاحها وصيانتها والتي دخلت بالخدمة كأنه لم يفدنا شيئاً سوى الضجيج الفارغ، فالقحطُ الكهربائي لايزال مسيطراً على الأجواء، ولم يستجب بعد لوثوقية الشبكة الكهربائية التي تقول الوزارة بأنها ازدادت، في حين تشهد أسلاكنا وبرايزنا وفيَشُنا ولمباتنا وبراداتنا وأدواتنا الكهربائية التي عشعش حولها العنكبوت، أن تلك الوثوقية لاتزال بعيدة المنال عن عالمنا نحن معشر المواطنين العاديين، حتى بتنا نشعر أننا مواطنون غير عاديين، لأننا منبوذون كهربائياً، فعلى الرغم من الجهود المبذولة لزيادة الوثوقية بالشبكة الكهربائية تثبتُ لنا الوقائع في كثير من الأوقات بأنها بعيدة كلّ البعد عن الوثوقية، فمثلاً : ننتظر دورنا بالوصل الكهربائي لمدة نصف ساعة أو ساعة في أحسن الأحوال بعد نحو خمس ساعات من القطع المتواصل لنتفاجأ – أحياناً – بمدة وصل لخمس دقائق أو عشرة أو ربع ساعة، ثم نعلم لاحقاً أن السبب يعود إلى عطل في الكابلات أو مراكز التحويل، ما يعني أن الصيانة الجارية في قطاع النقل والتوزيع الكهربائي تحصل بقلّة اهتمام ومتابعة وهي أقرب إلى رفع العتب ولا ترقى إلى مستوى الوثوقية.
أوجاعنا الكهربائية مستمرة بآلامها المزمنة دون أي تحسّن لا بل تسوء أكثر رغم الوعود الفارغة، ووزارة الكهرباء التي حاولت أن تُنوّرنا بحفنة كلام عن إنجازاتها مع نهاية العام ربما تعيش أوجاعاً لا نعرفها، وربما تجد الكثيرين الذين يتفهّمون وضعها فيما لو أفصحت عن أوجاعها الحقيقية، فمن اللامعقول أن تفعل كلّ ما فعلته لتبقى أضواؤها معتمة .. وبلا أي أثر ..!!