الملحق الثقافي- هيلانة عطاالله:
يا صديقي،
ازرعْ شجرةً والصقْ على جذعِها طِعماً
من أغنياتِ فيروز
بستانُكَ تشوّحُهُ الريح
وتعفّرُهُ الرمال
بستانُكَ يبكيكَ
هجرتَهُ طويلاً
وأنتَ تزرعُ في بساتينهم كلَّ حينٍ
فرعاً من سنيِّ عمرِكَ
أهرقْتَ كلَّ ما أوتيتَ من إبداعٍ
في رسمِ صورةٍ جميلةٍ لهم
ورممْتًها بجمالَ طويتِكَ
ففرحوا، وصدقوا كذبتَكَ البيضاء
وحين نفدَتْ ألوانُ مخيلتِك
أشاحوا عنكَ
هتفتَ، بكيتَ
فتبرّموا، وتأففوا
هل تعلم لماذا يا صديقي؟
لأن قوانينَهم لا تحمي المغفلين
كنتَ ساذجاً حين تقمصتَ شخصيةَ الفدائي
وكانوا مسرورين باستنزافِكَ
آهٍ يا صديقي، لقد آخيتَ السرابَ
وها قد غدوتَ اليومَ وحيداً
لكن إرادةَ الماءِ فيكَ لم تنكسرْ
لا تبتئسْ، ففي وحدتكَ ستجلسُ
قربَ الساقيةِ الدؤوبةِ
لتبصرَ كيف يسري الماءُ
في شرايينِ صلصالِكَ
فتفرحُ لحكمةِ الطبيعة
في وحدتِكَ سترى أشياءَ غيرَ أشيائهم
وقد تسندُ ظهرَكَ المتعبَ إلى جبلٍ
تسكنُهُ الصقور
أو ربما ستستلقي على سفحِ تلٍّ
تزوره العنادلُ والفراشات
وقد تأخذُكَ الفيافي بعيداً
تسمعُ فيها الشنفرى هاتفاً :
لعمرُكَ ما في الأرضِ ضِيقٌ على امرئٍ
سرى راغباً أو راهباً وهو يعقلُ
ولي دونكم أهلُونَ سِيدٌ عملَّسٌ
وأرقطُ زهلولٌ وعرفاءُ جيألُ
يا صديقي، ما زال في العمرِ بقيةٌ
لتلملمَ شتاتَ روحِكَ
فيصعدُ خيطُ النورِ منكَ إليك
هو الوحيدُ الذي ما سلبوهُ
لأنه هبةُ اللهِ ..
سترسلُ الشمسُ جديلتها
إلى صقيعِ بيتٍكَ فتغني:
أهلاً بعودتكَ منكَ إليك ..
العدد 1174 – 16 -1 -2024