مابين الفكرة و الكلمة، صحافة وأدب

الملحق الثقافي-أميرة الكردي:
يحتاج أي مشروع مهني أو مشروع تجاري أو إنساني، أو أيًا يكن هذا المشروع، وقبل البدء فيه إلى فكرة، فهي جزء لايتجزأ منه واللبنة الأساسية التي سيقام عليها، فبدون الفكرة سيكون ضعيفًا رثًا عشوائياً وفاشلًا.
فالفكرة كالبذرة تمامًا، فإذا ما أردتَ أن تزرع شجرة تفاح مثلًا فأنت بحاجة لنوع بذرة جيدة وأرض صالحة لها، وعناية بها ومتابعتها لتنمو وتزهر وتثمر وتعطيك مازُرعت من أجله، الفكرة جزء لا يتجزأ من أي مشروع أو عمل.
وهي الركيزة الأولى التي يُبنى عليها أي مشروع، ثم يليها وضع الأهداف والوسائل لبناء متكامل ناجح ومؤثر
كذلك الأمر في بناء المشروع الثقافي فأنت هنا تساعد في بناء الإنسان وهو الأولى بالاهتمام لأن الإنسان يبني حضارة و يهدم أخرى بطريقة تفكيره، وهو غاية الحياة ومبتغاها.
فالفكرة هي الأهم في الكتابة الأدبية الإبداعية بكل أجناسها أو الكتابة الصحفية.
و رغم أن الأفكار موجودة على قارعة الطرقات وفي منتصف الشوارع والساحات و في الشخص ذاته من خلال تجاربه الحياتية.
لكن طريقة تنفيذ الفكرة وبنائها يحتاج إلى أدوات ومجهود ومهارة و بحث، وذلك ليكون الموضوع ثريًا، يغني فكر القارئ
وهنا يأتي دور الكلمة.
« في البدء كان الكلمة»
إذن لاقيمة للفكرة إذا لم تُنفذ من خلال صياغتها بأسلوب متميز فريد شيّق، فعلى الكاتب أن يكون فارساً يعرف متى يمتطي سرج الفكرة ويحولها إلى إبداع.
– الفرق بين الكتابة الأدبية والصحفية
١- العمر الزمني بعيد جدًا في الصحافة، وهو زمن صدور العدد الحالي من المجلة أو الجريدة وصدور العدد التالي منها،
وهي خبرية تحليلية بالإضافة إلى كونها لغة بسيطة يفهمها الإنسان العادي، كما لايمكن لكاتب الخبر الصحفي إلا أن يكون محايدًا في وصف الواقع، ومحدد بعدد من الكلمات..وذلك وفق سياسية الجهة التي يكتب فيها والمكان الذي ينشر به
أما الأدب فلا وقت يحدّه ولا زمان ولا مكان، حر، فما يصلح اليوم يصلح لبعد مئة عام من الآن ويبقى حيًا في ذهن القارئ، أما لغته مشبعة بالخيال مع الواقع أيضًا.
أما الخيال فمن خلال التشبيه والاستعارة والطباق والجناس والصور وخاصة في الشعر، الأدب هو تعبير وسرد؛ عن فكرة ما، يستطيع أن يكتب فيها الكاتب ثلاثين ألف كلمة في رواية وأكثر، فلا حدود لعدد كلماته ولا موانع لخياله.
هل يستطيع الكاتب أن يوائم بين عمله في الصحافة والأدب معًا وهل يؤثر ذلك على كتابته في الأدب؟
الأدب العاجل هكذا أحب تسميته، وهي الكتابة الصحفية لموضوع ما حصل فعليًا، قد يزيد فيه الصحفي من خياله، ولكن ضمن الخبر ذاته وذلك بمقابل مادي.
أما الأدب فجموح كاتب وفكرة تمتد من عمق التاريخ إلى الأزل دون أن ينتظر مقابلًا مادياً، يكتب ليفرغ أفكاره و مشاعره مما اعتراها من وجع الحياة، فهو يلتقط الأحداث وكأنه كاميرا عالية الدقة ثم ينثرها على الورق ويقدمها للقارئ.
« يقول محمد حسنين هيكل في هذا الموضوع :
الصحافة رزق يوم بيوم، والأدب رحيق الجمال بين صفحتي الأزل والأبد والصحافة توجيه الحاضر لما نعتقده المنفعة والأدب تصميم المدينة الفاضلة والغنى بذكرها تمهيدًا لإقامتها وتشييدها».
سألتُ الشاعر والصحفي فواز خيو عن رأيه فأجاب :
الصحافة تؤرخ الحدث أو تثبته ليوم واحد، بينما الأدب يؤرخ الحدث للزمن ، للحياة.
الصحفي كالمراسل الحربي، عليه أن يتفاعل مع الأحداث اليومية وينقلها بأمانة وحيادية، ومن حقه أن يعلق عليها، مع أنه لا إعلام حياديًا مئة في المئة، لأن لكل وسيلة إعلامية مشروعها ورسالتها التي وجدت من أجلها، ودائماً نمشي في اتجاه المشاريع أكثر مما نمشي في اتجاه الحقائق.
الفكرة كالمرأة بحاجة ثوب يناسب جمالها لتصل.
وكم من الأفكار الرائعة والكبيرة قتلها الأسلوب التقليدي في نقلها.
الصحفي كالكاتب أو الشاعر، إذا لم يكن له أسلوب جميل يوصل الفكرة عبره بعيدًا عن الثرثرة الزائدة سوف يفشل.
برأيي الذي يختلف عن السائد أن الفكرة سابقة على الكلمة.
فالكون لم يبدأ بكلمة كن فكان، لأن الله سبحانه قبل أن يقول كن فلا بد أن لديه فكرة عما سيكون عليه.
حين أردت تعظيم الحبيبة قلت لها :
فكرة، اقتراح جميل، طيف أسطورة غابرة.
أي عمل سواء كان صحفيًا أدبيًا، إذا لم يملك صاحبه حدس الصياد، وقلق الفضول والمبدع فإنه سيضاف إلى الركام الموجود .
لا تألق دون إبداع، دون جديد، دون لذعة تحدثها في جلد القارئ.
– رأي شخصي
لا يمكن للكلمة أن تصل إلا إذا اعتنق كاتبها فكرتها وآمن بها وحررها من زوايا عقله إلى براح الورق والعلن
الكتابة مهما كانت صفتها تحتاج شغفًا لتكون، فإذا ماانعدم هذا الشغف انعدم معه المعنى، فحالة الكاتب تصل للقارئ من خلال كلمته.
فلا يمكن لقارئ أن يتابع خبرًا أو مقالة مملة يشعر فيها أنها كُتبت كوظيفة مدرسية مضطر على كتابتها ليأخذ علامة جيد
كما لايمكن لروائي أن يكتب رواية محشوة بكلام لاطائل منه وتكرار ممل فقط ليملأ عدد الصفحات.
الكتابة فن بكل أوجهه وأمانة يجب الحفاظ عليها كي لاتقع في وحل الغايات.
الكتابة بكل أنواعها هي رسالة سامية وهدف، الغرض منها الإنسان أولًا وأخيرًا، فلابد للكاتب أن يطور نفسه دائماً، صحفيًا كان أو أديبًا، وأن يسّخر ذاته من أجل عمل مبدع ليكون مؤثرًا ومقنعًا بآن. 
                        

العدد 1174 – 16 -1 -2024    

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة