الملحق الثقافي- منير خلف :
كُرمى عيونِ أطفالِنا فِلْذاتِ أكبادنا التي تمشي رياحين على الأرض، ولدت فكرةُ مجلةِ (فيحاء) في محاولةٍ جادةٍ بذْلَ ما في وسعنا في اتّحاد الكتّاب العرب بغية تحقيق طموحاتِ أطفالنا في البحث عن الفائدة والمتعة والجمال، ولم تأتِ فيحاءُ لإلغاء ما كانت تنتهجُهُ مجلةُ: شام الطفولة، وإنّما جاء إنشاؤها استكمالاً لما بنى عليه زملاؤنا من قبلُ.
يظلّ هاجسُ البحثِ عن جديد، وزرعِ بذرةٍ خضراءَ في نفوس أطفالنا، وترك أثرٍ مشرق في ذاكرتهم الخصبة، الشغلَ الشاغلَ الذي ينبغي العملُ عليه ومن أجله بكلّ ما في الإخلاص من معنًى، لفتحِ نوافذَ رحبةٍ ومتنوّعةٍ أمام الجيلِ الجديدِ الذي ينهضُ بالحياة، ويرغبُ في إطلاق عصافيرِ قلبه بما في الأفقِ من اتّساع طلْقٍ، وما في السّماء من زرقة وبهاء، لينحوَ المجتمعُ نحْوَ ما يطمحُ إليه الجيل القادمُ سعياً لقطف ما يمكن من يانعاتِ ثمر، وسابغات فكر.
لذا آثرنا في اتّحاد الكتّاب العرب على إنشاء مجلة (فيحاء) لنكون على قدر المسؤولية في فتح المجال أمام أطفالنا ليعبّروا عن أحلامهم وطموحاتهم، ويدوّنوا أفكارهم بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم، وما تجودُ به قرائحهم الإبداعية سواءً أكانت رسوماتٍ أم كتاباتٍ نثريّة أو شعريّة أو على شكل خواطرَ أو سرد قصصيّ أو نصّ مسرحيّ.
فأبواب المجلة مفتوحة أمام أطفالنا المبدعين للأخذ بيدهم وتشجيعهم من جهة، ومن جهة أخرى فالمجلة حريصةٌ كلّ الحرصِ أن تُقدّمَ لأطفالنا الأعزّاء إبداعات الكبار من أدب موجّهٍ إليهم توجيهاً معافى ينمّي قدراتِهم وينهضُ بهم نحو إدراك ذواتهم وكشف مجاهيلَ في الحياة أمامهم، والتحليق بهم من رتابة الواقع المعيش والانطلاق بهم نحو فضاءات رحبة مملوءة بالجدّ والمثابرة، وإنقاذهم ـ إن جاز التعبيرـ من ضجيج عالم الجهاز الخلوي بكلّ ما فيه من برامجه التي طغت على تفكير الأطفال وشغلت مساحاتٍ مهمّةً من حياتهم، بل سرقَتهم، ونهبَتْ أنفسهم، وسلبَتْ ألبابهم، وكي لا يكون هو العالمَ الوحيدَ الذي يستأثره الصغارُ ويستبدّ هو بهم، ويشلّ حركتَهم، ويُفسِدُ عذْبَ مائهم بإيقافه عن جريانه، كانَ لا بدّ من التفكير بهم وتقديم ما يمكن تقديمه من علمٍ ومعرفةٍ مسلّحين بالفائدة والمتعة معاً.
وقد أطلقْنا قبل أسابيعَ عددَينِ متتاليَينِ من مجلّة فيحاءَ، حافلَينَ بقصائدَ وقصصٍ وحكاياتٍ وتسالٍ فيحائيّة ومسرحيّاتٍ تناسب أعمارَهم، وتحاكي تطلّعاتِهم نحو الرّقيّ والمجد والبناء.
وتقديم نتاجات الصغار تحت مسمّيات أبوابٍ خاصة لهم، مثل: (مبدعو فيحاء) و(رسّامو فيحاء)، وكذلك تخصيص صفحة لأصدقاء فيحاء، تُنشَرُ فيها صورُهم وأسماؤهم ومواهبهم.
لذا كان لا بدّ أن نشدَّ على أيدي قلوب أطفالنا، ونسعى معهم إلى التزوّد من العلم والمعرفة، لنسيرَ معاً نحو الكتاب الذي هجرَهُ كثيرٌ منّا، نصاحبُهم ونصادقُهم، ونفكّرُ معهم وبهم، وبما تنضحُ به أفكارهم، نُعلّمهم ونتعلّم منهم، حتى نكون محطّ ثقتهم، ومأوى سرائرهم وموئلَ تطلّعاتهم القادمة.
شاعر ورئيس تحرير مجلّة فيحاء
العدد 1174 – 16 -1 -2024