هي المكالمة الأكثر جدلية بين رئيس حكومة الكيان الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن خاصة أنها على الخط الساخن في المنطقة وتحديداً فلسطين، وخاصة أيضا أن الحديث كان مسموعاً وربما مرئياً وتحت مجهر الإعلام وداخل غرف التحليلات.. فصحيح أن الرئيس بايدن كان يتحدث مع نتنياهو ولكن كي يسمع العالم وليس رئيس الكيان، ما تحاول واشنطن القيام به من مناورات سياسية تخرجها من الإحراج السياسي لها في العدوان على غزة، خاصة بعد أكثر من ٢٥ ألف شهيد فلسطيني ارتقوا بينما كانت “إسرائيل” تبحث عن نصر وتقدّم صغير في غزة، وإذ بها ترتطم بحائط الانسداد العسكري والسياسي لها في القطاع وتحاول القفز الى توسيع رقعة المعركة باستهدافات واغتيالات واعتداءات على لبنان وسورية.
بالأمس كان صوت الرئيس الأميركي جو بايدن مسموعاً من مهاتفة نتنياهو وهو يحاول استحضار حل الدولتين فوق خرائط الدم في فلسطين، حيث ابتلع كل تلك الاعتداءات الإسرائيلية وفرّد خططاً ليست قابلة للتنفيذ فوق دعمه غير المحدود للإبادة الجماعية في غزة.. لم ينطق بوقف إطلاق النار بل أعاد نفسه إلى مضمار أميركا لرعاية السلام فوق مسار الدم الذي علّق فيه مع نتنياهو في غزة وجبهات المقاومة.. الرئيس الأميركي رمى بطعم حلّ الدولتين ليوحي أن في جيوبه السياسية حلولاً مستقبلية بينما استعصى خروجه من الانزلاق الكبير لواشنطن في غزة.. فراح يلوح ببصيص لسلام لا يعرف أين مخرجه، ولكن أجبر أوروبا على رؤيته ايضا وفرض عليها عقد مؤتمر غداً في بروكسل يترجم ما يريد أن يقوله ويعود الى أحجية حل الدولتين بتوقيع الاتحاد الأوروبي وبصمته على عمى السياسة الاميركية.
المكالمة التي حاول بايدن أن يسمعها العالم كانت عكسية المفعول وسط الغضب الدولي من تصرفات واشنطن وفشلها في إنزال “إسرائيل” عن شجرة التصعيد والقتل لدرجة أن الإعلام الصهيوني نفسه لم يعد قادراً على تجرع الهزائم وتجميل نتنياهو لها فقالت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إلى أنّ “الحلم بسلام ليس أمراً ممكناً في عهد نتنياهو”، واصفةً إياه أي نتنياهو بأنه بلا كلمة، وحتى شركاؤه الطبيعيون يسمونه كذاب ابن كذاب.. الأكثر من ذلك أن الانتقادات طالت ايضا جو بايدن، والذي قال عنه سلفه ترامب بالأمس أنه قاد الولايات المتحدة لتصبح مزبلة ومكب نفايات للعالم.
صحيح أن لترامب نيات انتخابية ولكنه صدق وإن كذب كثيراً فأميركا باتت مكب نفايات على إطلال حقبة القطب الواحد سواء رحل بايدن أم جاء ترامب أم انتخبت أميركا رئيساً جديداً فالنتيجة باتت واضحة طالما أصبحت مكالمات البيت الأبيض متشابكة ومكشوفة الى درجة أن يتبنى بايدن السلام فوق جثمامين عشرات الآلاف من الشهداء وبلا إيقاف لإطلاق النار على كل جبهات الحرب التي تتوسع فيها “إسرائيل”.. بايدن كما ماري انطوانيت يأكل البسكويت السياسي ليهرب من مجاعة الفشل الأميركي بالبقاء على قيد القطبية الأحادية.