الملحق الثقافي- ديب علي حسن:
ثمة قول عربي معروف ( من شاور الناس شاركهم عقولهم ) والمشاورة هي فعل حواري حقيقي تدل على نقاش بين أخذ ورد وتقديم الأدلة والقرائن على ما هو الصواب وبالتالي الوصول إلى بر الأمان.
الحوار الذي نحاول أن نلقي بؤرة ضوء عليه في المشهد الثقافي العربي الحالي، هو الغائب الذي نتغنى به كما كان أيضاً غائباً في تراثنا الثقافي إلا في فترات محدودة ازدهرت فيها الثقافة العربية لأنها اتسعت الآراء كلها ومن ثم كانت الإنجازات الثقافية المهمة في الدولة العباسية ..هل نذكر مثلاً الحوارات التي كانت تجري في بلاط سيف الدولة ..؟
ولكن للأسف لم تستمر طويلاً فثمة من اغتال هذه المساحة الحرة من التفكير.
أما في مطلع عصر اليقظة العربية فقد استعاد الحوار بعض ألقه واستمر إلى منتصف القرن الماضي..
نحن اليوم أمام اغتيال حرية التفكير والرأي الآخر ليس في الثقافة العربية وحدها إنما في الثقافة العالمية وذلك من خلال طغيان الضخ الإعلامي والثقافي الغربي الذي لا يقبل إلا أن يكون هو المركز ولا يعترف إلا بما يصدره هو.
نحن في مشهدنا الثقافي الاجتماعي وغيره بأمس الحاجة للحوار لأنه مدماك البناء الفكري والتنويري وأساس القدرة على تجاوز كل ما يخطط لنا لنكون مجرد منفعلين لا فاعلين في المشهد الثقافي والحضاري العالمي.
والحوار هو: جوهر العالم المفقود
الذي يتغنى به الجميع دون العمل به، ومن باب صلف وغرور القوة فالقوي لا يحاور الضعيف بل لا يحترم وجوده وهذه سياسة العولمة الباطشة التي لخص روحها العدوانية بكل شيء الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن حين قال: ( من ليس معنا فهو ضدنا ).
العدد 1175 – 23 -1 -2024