بات المواطن يتوجس خيفة ويصاب بحالة من التوتر في كل مرة تدّعي فيها العديد من الجهات التنفيذية أنه بوصلة عملها ورعايتها ودعمها لأن الواقع وما يعانيه الناس معاكس تماماً، فكلامهم المنمق وأرقام إنجازاتهم الورقية المعلنة نهاراً في الاجتماعات، ما يلبث أن تظهر حقيقتها في قراراتهم الليلية خاصة ارتفاع أسعار المحروقات.
ويمتد هذا الوضع غير السليم لقطاعات استراتيجية، تعد دعامة أساسية للاقتصاد الوطني تواجه صعوبات وأزمات منذ سنوات وصلت لمستويات خطيرة من التراجع بالإنتاج وتردي وضع العاملين فيها وعزوف البعض عن الاستمرار بالعمل، ومع كل هذا لا تزال الحلول بعيدة عن قراراتهم النهارية والليلية، وعندما تعلن أن القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي والصناعي أو الخدمي في أولويات الاهتمام والدعم لا بل وتخصص المليارات لإنقاذه وإعادته لسكة عمله الصحيحة والمطلوبة نرى القطاع يتعرض لمزيد من التراجع والتردي، ولعل قطاع الدواجن ومنتجاته خير مثال هنا، فمنتجاته رغم كونها من أساسيات المائدة السورية ويعوض بها عن اللحوم الحمراء باتت خارج القائمة، وقطاعها والعاملون فيه يتعرضون لكارثة تهدد بعدم وجود منتجاته في السوق.
في عام 2016 تناولت بهذه المساحة تحذيرات وصلت حد دق ناقوس الخطر من قبل مديرعام مؤسسة الدواجن وقتها طلب التدخل الفوري من الجهات المعنية لإنقاذه ومعالجة مشكلاته وصعوباتها وخاصة تأمين مستلزمات الإنتاج، وإلا ستفقد منتجاته وسنتجه للاستيراد، بعد أن كنا حتى سنوات قليلة سابقة من السباقين في تصديره للأسواق الخارجية.
وغني عن القول إنه بعد مضي سبع سنوات على هذا التحذير وغيره العديد من التحذيرات التي طالت مجالات وقطاعات مهمة أخرى فإن المعالجة والإجراءات المتخذة من الجهات التنفيذية تجاهها دون المستوى المطلوب ومتواضعة مقارنة بحجم التراجع الحاصل ومنعكساته السلبية على الاقتصاد والناس، وهو دليل واضح على التخبط والتفرد بالقرارات بعيداً عن التشاركية التي توسع مساحة الآراء والمقترحات المتاحة للحل، والأسوأ ضيق أفق المبادرات غير التقليدية وضياع بوصلة الأولويات.

السابق
التالي