الثورة – رفاه الدروبي:
غزلت الشاعرة والقاصة نور إحسان الموصلي بقلمها قصائد روتها مشاعرها، وأحاسيس تحكي عن نبض القلب والروح لتقف مع الشاعر يوسف قائد من اليمن وكأنَّ شعرهما تناغما ألقاً وجمالاً في أمسية شعرية عنوانها “وعلمني الشعر كيف أسير” في ثقافي أبي رمانة.
الشاعرة نور موصلي (1987)، حاصلة على ليسانس في اللغة العربية عام 2015، وشهادة دبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية- جامعة دمشق عام 2017. تكتب الشعر العمودي والتفعيلة، والمحكي، والنثر، والقصة القصيرة، وتتميَّز بمعجمها اللغوي الخاص وصورها المعبِّرة عن وجدانها وموهبتها الشعرية الخالدة، معتمدةً في توجيه الخطاب الشعري إلى الآخر عبر الجمل الاستفهامية ثمَّ التعليل والإقناع لتأكيد أهمية الفكرة المنثورة من خلال وحدة عضوية متينة ومكثفة وحوار موجَّه إلى عقل وقلب الآخر يشدُّ القارئ لمتابعة الأفعال والأسماء المتتالية ذات الخيوط الدرامية المثيرة للتفكير.
تنشر “نور” في صحف ومجلات سورية وعربية. كما حازت على عدة جوائز.
أنشدت مجموعة قصائد بدأتها بنص “الحمد لشاعري المجنون”:
هبْ أنّي لحتُ لفلّاحٍ أو نجّارٍ أو حدّادٍ..
فنانٍ لا ريبَ بحرفيّتهِ ينكبُّ على المعنى
ويهذّبهُ وينمّقهُ خلقاً يتفتّحُ بين يديهْ
هل كنتُ سأبرقُ في عينيهْ؟
هل كان سيصرخُ منتشياً؟
هل يتقنُ غرسي.. تشكيلي.. هندستي
يدركُ قيمةَ ما أوحاهُ الغيبُ إليهْ؟
الفكرةُ.. إني الفكرةُ
محضُ الفكرة كنتُ..
سأغدو شتلةَ وردٍ، كرسياً، صرحاً
أغري ربّي زمناً، حتى أذوي
أتفتت.. أصدأ في جنبيهْ
فالحمدُ لشاعري المجنونِ، لعزلتهِ، لفراستهِ
ولكأسِ نبيذٍ في كفّيهْ
وللحظةِ سكرٍ غامت.. غامت في عينيهْ
أدخلني فيها الخلدَ
وأغمضَ من حولي أبداً جفنيهْ
وأنشدت في نص وقفة على باب جهنم، المتميز بتصوير وجداني صادق وجميل، تدافع فيه عن أفكارها وآرائها؛ ناقدة وصف الشعر بالبهتان والآثام؛ لتخلص في نهاية القصيدة منتصرة مُتوَّجة بإكليل الغار عبر شريط من الأفعال المستقبلية:
سأدخل النار إني بنت أوزاري
وأمّ شعري وبهتاني وأفكاري
سأستريح على جمر أهدهده
وأشكو وأحكي لأهل النار عن ناري
أقصُّ أخطائي الكبرى بلا وجلٍ
وأستفيضُ بآثامي وأسراري
حملني من خطايا الأرض أجملها
ياحبُّ فأمثلت للذنب وأسفاري
كفرت بالناس لم أتبع قطيعهم
خرجت أبحث خلف الشمس عن غاري
كما ألقى الشاعر يوسف قائد من اليمن الشقيق حزمة من قصائد التفعيلة، تميَّزت بجزالة ألفاظها وقوة معانيها وترابط عباراتها من البداية وحتى النهاية، ومكَّنه اختصاصه في اللغة العربي من صياغة عبارة متينة ذات كلمات رومانسية نابضة بأعذب المشاعر وأحلاها لتكشف للمتلقي عن صورتي طباق بين إنسانة جامدة المشاعر وبين ذاته المتحوِّلة إلى ناي ينثر الأنغام الشجية الصادقة، ولعل إبداعه الساحر تجلَّى في عبارة “بنتاً على العين مرَّت كما مرَّ بالصائمين الرطب، إذ رسم بكلماته طريقه الأدبي المرتكز على موهبة عكست الواقع الاجتماعي والإنساني بأسلوب اعتمد على أسس ومقومات شعرية استهوته فكان شعر التفعيلة هويته الأكثر وضوحاً في إبداعه. أنشد بإلقاء جميل قصيدة عنوانها: “كيف أصبحتُ شاعراً”:
أنا ما طمحت إلى الشعر يوماً
ولا مال رأسي بسجع الخطب
ولا شد نافذتي قمر
إلى نجمة في خيام الغرب
ولكن بنتاً على العين مرت
كما مر بالصائمين الرطب
فلا تسألي كيف أصبحت ناياً
وقد كنت ريحاً وكنت خشب.