الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
يمكن أن تلعب الانقسامات حول قضايا السياسة الخارجية الرئيسية في الولايات المتحدة، من الحرب في أوكرانيا إلى غزة، دوراً محورياً في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024.
وفي استطلاعات الرأي الأخيرة، لا يزال بايدن متخلفاً عن ترامب. بطبيعة الحال، يمكن أن يحدث الكثير بحلول تشرين الثاني القادم، وقد لا تكون استطلاعات الرأي التي يتم إجراؤها الآن دليلاً عظيماً لكيفية تصويت الأميركيين فعلياً عندما يُعرض عليهم اختيار بسيط ولكنه صارخ بين بايدن وترامب.
ومع ذلك، هذه ليست القصة بأكملها بأي حال من الأحوال، وربما تلعب السياسة الخارجية دوراً هنا أيضاً. في حين أن سياسة بايدن الخارجية قد تحصل على علامات جيدة من أنصاره في الداخل وحلفاء الولايات المتحدة في الخارج، وخاصة أولئك الذين يشعرون بالقلق من عودة ترامب إلى البيت الأبيض، إلا أنها قد لا تعمل بالضرورة لصالحه.
على سبيل المثال بالنسبة إلى الحرب في أوكرانيا، صحيح أن غالبية الأميركيين يقفون مع أوكرانيا ضد روسيا، إلا أن أسلوب ترامب الانعزالي قد ضرب على وتر حساس لدى جزء من الناخبين الأمريكيين الذين يعتقدون أنه لا جدوى من دعم أوكرانيا عسكرياً إذا أدى ذلك إلى توسيع نطاق الصراع الذي يبدو أنه لا نهاية له في الأفق.
في عام 2021، قرر بايدن بشكل مثير للجدل الدعوة إلى وقف ما أسماه “الحرب الأبدية” في أفغانستان. فهل يستطيع ترامب أن يفعل الشيء نفسه في أوكرانيا؟.
وفي حين أن المخاطر في أوكرانيا قد تكون أعلى، إلا أن هناك العديد من الأميركيين الذين يبدون على استعداد للتصويت لشخص مثل ترامب الذي وعد بإنهاء هذه “الحرب الأبدية” الأخرى من خلال التفاوض على نوع من اتفاق السلام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أما بالنسبة للصين، يتفق كل من بايدن وترامب على أن الصين هي القوة الوحيدة في النظام الدولي التي لديها النية والقدرات لتحدي النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة. لكن إدارة بايدن أشارت أيضاً إلى أن هناك عدة أسباب، ليس أقلها أسباب اقتصادية قوية، وراء ضرورة استمرار الولايات المتحدة في التعامل مع الصين.
قد يكون هذا النهج منطقياً تماماً بالنسبة للشركات الأمريكية التي تعمل في الصين وللواقعيين السياسيين الذين لا يرون خطأً كبيراً في إيجاد طريقة للتعايش مع قوة عظمى أخرى. ومع ذلك، في ظل الصخب الذي تشهده السياسة الأمريكية، حيث يرى 81 في المائة من الجمهوريين، و59 في المائة من المستقلين، و56 في المائة من الديمقراطيين، أن الصين تمثل قوة تهديد حاسمة، فإنه يترك بايدن عرضة للهجوم من قبل الحزب الجمهوري إما بسبب التساهل مع الصين، أو ما هو أسوأ من ذلك، استرضائها.
وأخيراً، هناك العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ربما يكون بايدن قد حذر “إسرائيل” من تراجع الدعم الدولي لسياساتها. لكن التصور السائد بين أولئك الذين يطالبون بوقف إطلاق النار هو أن هذا كله مجرد تجميل ولا يحدث أي فرق على الإطلاق في غزة نفسها حيث تسير الأزمة الإنسانية فيها من سيئ إلى أسوأ.
وبطبيعة الحال، إذا كان جميع الأميركيين يقفون إلى جانب “إسرائيل”، فقد لا يحدث هذا فرقاً كبيراً. لكن معضلة بايدن تكمن في أن عدداً كبيراً من الأميركيين، لاسيما في حزبه، وبين الشباب وبين مجموعات من الأميركيين العرب، لا يؤيدون المساعدات العسكرية لإسرائيل ويرغبون في وقف فوري للحرب في غزة.
وقد يكون لهذا عواقب سياسية طويلة المدى، كما أظهرت الانتخابات التمهيدية الديمقراطية الأخيرة في ميشيغان عندما أدلى 100 ألف ناخب بأصواتهم “غير الملتزم بها” في احتجاج كبير ضد ما يعتبرونه دعم بايدن للحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة. وبطبيعة الحال، لا يُترجم هذا بالضرورة إلى دعم لترامب، الذي يفتقر أيضاً إلى الدعم خارج قاعدته الانتخابية.
إن ما سيحدث في تشرين الثاني المقبل سيكون له عواقب وخيمة على بقية العالم، ولكن بنفس المقياس، فإن ما يحدث في بقية أنحاء العالم يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في تحديد من يدخل البيت الأبيض، ولا يمكن للعالم إلا أن ينتظر ويراقب.
المصدر- تشاثام هاوس
