الحوراني لـ «الثورة»: النجاح المثمر لا يتحقق إلا بتعاون حقيقي بين المعنيين… رقابة المخطوطات والمطبوعات تضبط إلى حد ما حالة التسيب والفوضى في الطباعة
الثورة- حوار عمار النعمة:
هو الكاتب الذي لم يألُ جهداً في الدفاع عن القضايا الثقافية والفكرية يوماً، في كل مرة يكتب بها نجد فيه الناقد الجريء والأديب الحريص على إيصال أفكاره بكل وضوح وموضوعية، استطاع المزاوجة بين الأدب والإدارة
فرهن نفسه للعمل والعطاء فكان المحب والودود والمتجدد، يجيد الإلمام بالتفاصيل، يعيش التجربة ويتعامل معها بكل حيوية ونشاط، إنه الأديب الدكتور محمد الحوراني- رئيس اتحاد الكتاب العرب الذي التقته صحيفة الثورة لتقلب معه بعض الصفحات فكان اللقاء التالي؟
منذ طوفان الأقصى واتحاد الكتاب العرب في حالة استنفار دائم ماذا أنجزتم وما الحصيلة؟
لا شكّ أن ملحمة طوفان الأقصى فرضت بهاء حضورها على الفعاليات الثقافية بمختلف أجناسها الأدبية في اتحاد الكتاب العرب مركزاً وفروعاً وجمعيات، فكانت بداية الفعاليات ندوة تميزت بمشاركة عربية وتحدثت عن العلاقة بين حرب تشرين وطوفان الأقصى وقصف الكلية الحربية في حمص وخلفيات العمل الإرهابي ذاك، بالإضافة إلى ندوات بحضور مجموعة من السفراء المعتمدين في سورية مثل السفير التونسي والجزائري وسفير جنوب افريقيا، فضلاً عن إنتاج فيلم بعنوان: ” صراخ أطفال غزة” وهي المرة الأولى التي ينتج فيها اتحاد الكتاب العرب فيلماً بهذا الخصوص، فضلاً عن لقاءات توعوية مع الشباب والأطفال في مدارسهم وإصدار بيانات بعشر لغات تم توجيهها إلى المؤسسات القانونية والحقوقية والإنسانية في العالم بعد الاجتماع الطارىء للأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في القاهرة، والاجتماع مع الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية بخصوص الموقف من حرب الإبادة التي يشنّها الكيان الصهيوني على أهلنا في غزة، وتم تخصيص أعداد من صحيفة الأسبوع الأدبي للحرب على غزة، وعدد من مجلة الموقف الأدبي للحديث عن طوفان الأقصى والأدب المقاوم، فضلاً عن عشرات اللقاءات والندوات في فروع الاتحاد حول ملحمة طوفان الأقصى.
ماذا عن تفعيل الحركة المسرحية في باقي المحافظات علماً أنكم بدأتم بها في دمشق؟
العمل المسرحي وتفعيل الحركة المسرحية عمل مهم وضروري إلا أنه بحاجة إلى تعاون وتضافر جهود بين عدة جهات بالإضافة إلى كونه بحاجة إلى تمويل، والحقيقة أن اتحاد الكتاب اشتغل على هذا الموضوع في العام الماضي وما قبله في أكثر من محافظة، إلا أن ما قدم من أعمال حمل بعض السلبيات وبالتالي كان لابدّ من مراجعة وتقييم للعمل من أجل تقديم عمل يليق بنا جميعا.
ما رأيك باقتراح البعض فكرة إلغاء الرقابة في اتحاد الكتاب العرب بما يخص المخطوطات؟
طرح البعض في أكثر من مناسبة فكرة إلغاء الرقابة على المطبوعات في سورية، وقد طرحت هذه الفكرة مؤخراً في العام الماضي أثناء الندوة التي أقامها اتحاد الكتاب العرب ٢٠٢٣ بمشاركة بعض المعنيين، ويومها أكدت أنني ضدّ إلغاء الرقابة على المطبوعات، على الرغم من أن الرقابة ولاسيما رقابة المخطوطات والمطبوعات الواردة من وزارة الإعلام تكلف الاتحاد مبالغ مالية كبيرة، إلا أنها تضبط إلى حد ما حالة التسيب والفلتان والفوضى في الطباعة ونشر الغث من الأفكار في زمن تفاهة الكتابة واستسهال الشعر وغيره من الأجناس الأدبية، وكذلك في زمن انتشار الأفكار التي لاتتوافق مع أخلاق وثقافة مجتمعاتنا، ولعل الأهم من هذا وذاك التردي اللغوي عند قسم كبير ممن يقدمون أنفسهم على أنهم أدباء وشعراء ولا علاقة لهم بقواعد اللغة وضوابطها وحركاتها. ربما يقول قائل: إن وسائل التواصل الاجتماعي وثورة الاتصالات يجعل المرء ينشر كتاباته عليها دون ضوابط، وهذا صحيح إلا أنه يجعلنا أكثر التزاماً بالحرص على ضوابط اللغة وأخلاق مجتمعاتنا وأصالة ثقافتنا.
ماذا عن مشروع المكتبة الريفية هل حقق ما خططتم له؟
المكتبات الريفية التي أطلقها اتحاد الكتاب العرب في بعض المحافظات حققت حضوراً ونجاحاً في بعض المحافظات، ولم تكن ناجحة في محافظات أخرى ولعل الأسباب في هذا كثيرة ومنها انشغال الناس بتأمين قوت يومهم وإنشغالهم بالمعيشة وهمومها عن الكتاب وشغفه، ومع هذا فإن اتحاد الكتاب ما زال حريصاً على تزويد هذه المكتبات الريفية بما تحتاجه من كتب، وقناعتي المطلقة أنه لا توجد فكرة أو عمل يمكن أن ينجح بنسبة مئة في المئة، إلا أن النجاح الجزئي لأي عمل وكونه يسد ثغرة ما جدير بالاهتمام به والمتابعة.. من جهة أخرى فإن اتحاد الكتاب العرب قدم آلاف الكتب هدايا للمدارس في مختلف المحافظات السورية، وأسهم بتزويد المشاركين بمسابقات تحدي القراءة بمنشوراته، وهذا كله يسهم بتعزيز حضور اتحاد الكتاب العرب في المجالات كافة.
أدب الشباب الذي يرتكز على موهبة حقيقية واحد من أولوياتكم في الاتحاد ماذا تخبرنا عنه ؟
أدب الشباب ورعاية المواهب الشابة مسؤولية كبيرة يقوم بها اتحاد الكتاب العرب، وقد نص النظام الداخلي للاتحاد على ضرورة احتضان المواهب الأدبية الشابة، وانطلاقاً منه كثف اتحاد الكتاب العرب في دورته الحالية، العاشرة، عمله بهذا الخصوص ففتح للأدباء الشباب أبوابه واحتضن إبداعاتهم وكتاباتهم وخصهم بالكثير من المسابقات، كما خصص لهم صفحات كاملة في دورياته، واشتغل على طباعة بعض الأعمال التي تستحق الطباعة للشباب في خطوة تهدف إلى تنسيب من يستحق ويحقق شروط الانتساب لاتحاد الكتاب العرب، كما تم تأسيس نواد خاصة بالأدباء الشباب في فروع الاتحاد في المحافظات ومنحهم بطاقة عضوية في نوادي أصدقاء اتحاد الكتاب العرب، وهذا كله يأتي في سياق تأسيس الفريق الثقافي الشبابي الذي يعمل عليه اتحاد الكتاب العرب، ولاسيما أن هناك الكثير من المواهب الأدبية والإبداعية الشبابية التي تستحق العناية والاهتمام بها وفتح أبواب المؤسسات الرسمية لها وتوجيهها بالاتجاه الصحيح.
كلمة أخيرة للقراء
لابدّ من القول: إن ما يقوم به اتحاد الكتاب العرب بجمعياته وفروعه يأتي في سياق عمل يقوم على التعاون والتكامل مع المؤسسات والوزارات والاتحادات والنقابات المعنية وفي مقدمتها وزارة الثقافة والتربية والإعلام والتعليم العالي والاتحاد الوطني لطلبة سورية ومنظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة وغيرهم من وزارات ومؤسسات تعني بالشأن الثقافي والإبداعي النهضوي، وهنا لابدّ من التأكيد على أن النجاح الحقيقي لأي عمل لا يتحقق إلا بتعاون حقيقي بين المعنيين.