الثورة – منهل إبراهيم:
لا خطوط حمراء يرفعها رؤساء أمريكا ضد حليفتهم “إسرائيل”، ففي مقابلة مع قناة “إم إس إن بي سي” الأسبوع الماضي، قال الرئيس الأمريكي بايدن إنه “خط أحمر، لكنني لن أغادر “إسرائيل” أبداً، لا يزال الدفاع عن “إسرائيل” أمراً بالغ الأهمية، لذلك ليس الخط الأحمر لأقطع كل الأسلحة حتى لا تبقى القبة الحديدية لحمايتهم”.
وأضاف بايدن قائلاً: “لكن هناك خطوط حمراء إذا تجاوزها متجنباً إكمال الجملة أو التهديد لا يمكن أن يكون هناك 30 ألف ضحية فلسطينية آخرى”، وهذا كلام حق يراد به باطل، فمن أعطى الضوء الأخضر لكل تلك المذابح في غزة.
وباستخدام صياغة الخط الأحمر مع إيحائه الواضح بوجود نوع من العوائق، كان بايدن يخوض أيضاً في منطقة خطرة بالنسبة للرؤساء الأمريكيين، لقد وصف أسلاف بايدن مراراً وتكراراً في العقود القليلة الماضية، حدوداً لا يستطيع خصوم الولايات المتحدة أو حلفاؤها تجاوزها دون التسبب في أشد العواقب، لكنهم ندموا مراراً وتكراراً على ذلك.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريراً، تحدثت فيه عن موقف الرئيس جو بايدن وتأثيره على العلاقات بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
وقالت الصحيفة، في تقريرها، إنه عندما أعلن الرئيس بايدن خلال عطلة نهاية الأسبوع أنه يرسم “خطًا أحمر” للعمل العسكري الإسرائيلي في غزة، بدا أنه يحاول رفع التكلفة المحتملة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الوقت الذي تتدهور فيه العلاقة بينهما.
لكن بايدن لم يقل قط ما الذي سيحدث، بالضبط، إذا تجاهله نتنياهو، وواصل الإصرار على العملية العسكرية الإسرائيلية بغزو مدينة رفح الجنوبية، وهي الخطوة التي قال بايدن مراراً وتكراراً إنها ستكون خطأً فادحاً، ومن غير الواضح ما هي حقيقة تردده، لأنه تفادى الإشارة إلى الرد الذي قد يستعد له.
ربما لا يريد بايدن أن يتعرض للانتقاد إذا تراجع عن أي إجراء يفكر فيه، أو ربما نظراً لخبرته الطويلة في مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، تذكر أن رسم الخطوط الحمراء كان سيئاً بالنسبة لباراك أوباما، وبالنسبة لجورج دبليو بوش.
لقد فوجئ حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بتراجع أوباما، وحُكم على بوش أنه قام بغزو دولة لا تمتلك أسلحة نووية “العراق” بينما اختبرت كوريا الشمالية أول سلاح نووي لها في عهده.
تم رفض رسم بايدن على الفور ومطابقته من قبل نتنياهو، الذي رد قائلاً: “كما تعلمون، لدي خط أحمر، هل تعرفون ما هو الخط الأحمر؟ أن السابع من تشرين الأول لن يتكرر مرة أخرى”، حسب زعم نتنياهو.
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذا الحديث عن الخطوط الحمراء ليس جديداً، فالزعماء الأمريكيون من جميع الأطياف، من رؤساء الديمقراطيات إلى المستبدين، غالباً ما يستشهدون بهذه العبارة لوصف التحركات التي لا ينبغي لدولة أخرى حتى أن تفكر فيها، لأن العواقب ستكون وخيمة أكثر مما يتصورون.
والأمر الغريب في هذه الحالة هو أن الحدود يتم رسمها من قبل حليفين يحتفلان بانتظام بمدى قربهما، لكن حوارهما بدأ يتحول إلى سمّ إلى حد ما.
وكان المغزى الواضح على ما يبدو من تهديد بايدن أنه إذا مضى الإسرائيليون قدماً في خططهم وقاموا بعملية عسكرية أخرى أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، فإن بايدن سيضع للمرة الأولى قيوداً على كيفية استخدام “إسرائيل” للأسلحة التي تزودها بها الولايات المتحدة، وهذا أمر لا خط أحمر فيه بل تنصل من القتل، وربما تنظيم لعمليات القتل للكيان في غزة.
وذكرت الصحيفة أن بايدن على ما يبدو يعيد النظر ببطء في نفوره من فرض قيود على كيفية استخدام “إسرائيل” للأسلحة التي تشتريها، كما يقول بعض المسؤولين الأمريكيين، ولم يتخذ أي قرار، ويبدو أنه لا يزال يناقش الأمر في ذهنه، وذلك وفقاً للمسؤولين الذين تحدثوا معه.
ولن يناقش البيت الأبيض هذا الموضوع علناً، وفي مؤتمر صحفي على متن طائرة الرئاسة يوم الاثنين الماضي، بينما كان بايدن متجهاً إلى نيو هامبشاير لحضور حدث انتخابي، رفض متحدث باسم البيت الأبيض تحديد الثمن الذي ستدفعه “إسرائيل” إذا تجاوزت الخط الأحمر الذي وضعه بايدن.
واستبعد بايدن نفسه قطع أي أسلحة دفاعية، مثل القبة الحديدية، وهو مشروع الدفاع الصاروخي الأمريكي الإسرائيلي الذي اعترض الصواريخ قصيرة المدى التي أطلقتها المقاومة على “إسرائيل”.