يبدو أن الضمير مات بمرض عُضال بعد مسيرة عذاب استمرت لسنوات طويلة، ويبدو أننا أصبحنا اليوم بحاجة إلى إحداث هيئة مركزية مستقلة للضمير معترف بها ومُعتمدة دولياً.
يمتلئ السوق بتجهيزات ومواد وسلع ومنتجات تفتقر لأدنى مواصفة ، و لم يسلم أي قطاع من هذا الأمر ابتداءً من الأدوية، مروراً بالمبيدات وليس انتهاء بتجهيزات الإنارة و الطاقات المتجددة ، حتى أن الكفالات أصبحت لمدة أسبوع وشهر وستة أشهر، وقلّما تجد كفالة سنوية ، ولكن ربما كان الأسوأ في غش أدوية السرطان.
قبل الأزمة كان هناك كفالات لمدة ثلاث سنوات وخمس سنوات للمنتجات المحلية وكان ذلك يعتبر نوعا من المنافسة وتأكيدا على جودة المنتجات.
اليوم ومع منع الاستيراد لبعض التجهيزات حماية للصناعة الوطنية تدنّت مواصفات هذه التجهيزات و أصبحت تتحكم بالأسعار ولكن للأسف المواطن مضطر لشرائها لعدم وجود البديل .
في كل دول العالم يوجد مخابر للتأكد من جودة المنتجات وهذه المخابر ذات اعتمادية دولية تأخذ بها الدول الأخرى في تحليل عينات منتجات الدول التي توجد بها هذه المخابر.
لم نكن بعيدين عن الأمر وعندما تم التوجه إلى تشجيع الطاقات المتجددة كان هناك مخبران لمراقبة جودة التجهيزات، ولكن نتائج عملها بدأت تظهر بشكل واضح ، فبعد مضي أقل من عامين على تركيب منظومات الطاقات المتجددة ظهرت رداءة التجهيزات وهذا مؤشر على عمل هذه المخابر ، المشكلة الحقيقية في عمل المخابر بشكل عام التي يشوبها فساد كبير هي في نتائج الاختبار وطريقة أخذ العينات التي غالباً ما تكون نماذج خاصة بالمخابر بمواصفات عالية مختلفة عن المواد المطروحة للاستهلاك أو المستوردة من الخارج .
عمل المخابر واعتماد نتائجها يجب أن يُعاد النظر فيه ، وحتى عائديتها وارتباطها بعدة جهات والكل يتذكر قبل سنوات صفقة الشاي التي تم حصر تحليلها بمخابر وزارة التجارة الداخلية الجهة المُعلنة والمستوردة للمادة.
المنافسة وفتح الباب وحده يُحسّن الجودة ويرفع المواصفة ويُخفّض الأسعار ، أما الحصرية بالاستيراد أو منع الاستيراد تحت عنوان حماية الصناعة الوطنية فهذا لم يخدم الصناعة الوطنية ولم يخدم المواطن وإنما حمى مصالح شريحة قليلة وملأ الأسواق بمنتجات رديئة وسيئة تدفع الخزينة مبالغ كبيرة بالقطع الأجنبي لتمويلها ، فبدل أن نبدّل الجهاز كل ثلاث سنوات نبدله كل عدة أشهر ، ما يعني أننا نموّل الأجهزة الرديئة ستة أضعاف ما نحتاجه لتمويل أجهزة عالية الجودة عدا التكاليف التي يدفعها المواطن.
السابق