الثورة _ حسين صقر :
تربية الطفل مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأهل، ولكن تبدأ المشكلة عندما يقع الفراق ويحصل الطلاق بين الزوجين لأسباب قد تكون قاهرة.. الأطفال يصبحون ضحية خراب تلك الأسرة التي تركتهم لمصائرمجهولة، وتبدأ معهم رحلة الشقاء والشتات.
ونتيجة الأحكام العرفية القاسية التي تعيشها المرأة، تسجل النتائج السلبية عليها، والنقاط الإيجابية للزوج، بمعنى إذا بقي الأولاد مع والدتهم، ونجحت في تربيتهم وتحصيلهم العلمي، فهؤلاء أبناء فلان، وإذا أخفقت في ذلك ولم يحصلوا شيئاً، فهؤلاء أبناء فلانة، ويبدأ كيل الاتهامات لها، ولطريقة التربية التي نهجتها خلال مسيرة حياتها مع أولئك الأبناء.
إذاً النجاح للأب والفشل للأم، رغم قناعة المجتمع أن مقياس النجاح لا يرتبط بالأب على الإطلاق، لأن الكثير من الآباء، لم يقدموا لأبنائهم حتى وهم في كنفهم شيئاً، فكيف وهم بعيدون، والأم تفني نفسها في خدمة أولادها، وبعد نجاحهم، فوراً ينسبون أنفسهم لهؤلاء الآباء الفاشلين، كأن يكتبواعلى لافتاتهم الدكتور أو المحامي أو المهندس فلان أو فلانة ذاكراً اسم الوالد الذي لم يكلف نفسه العناء بتقديم أي شيء لهم ولخدمتهم، وجلّ همّه ملذاته وحياته ورفاهيته.
أمهات يروين تجاربهن في هذا الشأن، وتقول “س. أ”: هجرني زوجي وعاش مع امرأة أخرى بعيداً عن المنزل، وترك لي ولداً وابنتين بأعمار صغيرة، حتى وجدت نفسي أمام تحديات صعبة، كيف لا وتربيتهم مسؤولية كبيرة وقعت على كاهلي بين ليلة وضحاها، ما اضطرني بعدها لترك المنزل الذي كنت أعيش فيه مع طليقي، نتيجة عادات اجتماعية صعبة، لم تترك لي الخيار كي أبقى معهم في بيت مستقل، وذلك لرغبتي الجامحة بالخروج من الحي الذي كنت أنا وأباهم فيه، وهكذا بقيت أرعى هؤلاء الأولاد في منزل عائلتي بعد قبولهم بالأمر الواقع.
وتضيف: وبعد مرور سنوات تخرج الأولاد من الجامعة بمعدلات جيدة جداً، ومنهم من تابع دراسته بعد الجامعية، وبدأ الناس من حولهم، نعم إنهم أبناء فلان، وذلك دون ذكر اسم والدتهم أو التنويه لتعبها وسهرها وجهودها المضنية والسهرالمتواصل على راحتهم، ومازال هؤلاء ينسبون كلّ النجاحات لأبيهم.
بدورها قالت “ك. ن”: تخلى والد أبنائي عنهم وهم في السنوات الأولى من أعمارهم، ولم يدخلوا الروضات والمدارس بعد، وبينهم طفل معوق، وترك حمل تربيتهم على كاهلي من دون غيري، ومرت السنون، ولكن المفاجئ في الأمر أن من نجح منهم نسبوه له، ومن أخفقت أو أخفق، قالوا ابن أو ابنة فلانة وهم يقصدونني، وأبدت استغرابها من هكذا مجتمع، في الوقت الذي أرادت إنصافها ليس إلا.
وأضافت: بعض الأشخاص ينصفونني، ولكن من تربطهم علاقات القربى بوالد أبنائي هم من يظلمونني ويشوهون صورتي أمام الآخرين.
من جانبها قالت “ع. م”: إن المرأة غالباً ما تقع ضحية أحكام المجتمع العرفية، لأنها تتهم بكلّ شيء عندما يقع الطلاق مع زوجها ويحصل الفراق، ولهذا تتجه الأنظار نحوها وتتفتح العيون، وتصبح مراقبة من الحي والشارع والأهل والأقارب، وفوق ذلك يحملونها وزر إخفاق أبنائها عندما لا ينجحون، وعند النجاح يسجلون تلك النجاحات لأبي الأولاد، وينسفون سجلاً كاملاً من العذاب والألم والتعب والمعاناة والتضحيات التي قدّمتها في سبيل أبنائها.
وأضافت هكذا يبدأ عندها الإحباط ويتسرب إليها الملل وتشعر أنها دائماً في المربع الأول.