الثورة – يمن سليمان عباس:
ثمة مقولات شعبية نستخدمها كثيرا في أحاديثنا اليومية وهي خلاصة أحكام نعتقد أنها عادية لكن الحقيقة غير ذلك فهي خلاصة تجارب الشعوب والأمم.
في التعامل الاجتماعي والتوصيف نقول: فلان مرن وحيوي ومتفاعل ويقتنع بالنقاش وله تأثيره وحضوره بينما فلان رأسه يابس كالحجر لا بخير ولا يدير وحضوره مثل عدمه.
هذه الأقوال اختزال لقراءات اجتماعية ونفسية بدأ علم النفس يتناولها من جديد، وفي كتاب “التأثير: علم الإقناع” هو كتاب مكتوب ببراعة من قبل روبرت سيالديني، وهو أستاذ في جامعة أريزونا الذي تخصص في دراسة علم النفس الاجتماعي والتأثير. نجد أنه يقدم نظرة ثاقبة وعميقة على كيفية تأثير الناس على الآخرين ليقوموا بما يريدون. الكتاب يستعرض ستة مبادئ أساسية للإقناع يمكن أن يستفيد منها أي شخص في مجالات العمل والحياة الشخصية.
1. المعاملة بالمثل: تشير هذه القاعدة إلى أن الناس عادة ما يشعرون بالتزام تجاه الأشخاص الذين قدموا لهم شيئاً. أي أنه إذا قدمت لشخص ما هدية، فمن المرجح أن يشعر هذا الشخص بالحاجة إلى إعادة الجميل.
2. الالتزام والاتساق: الناس يحبون أن يبدون متناسقين في تصرفاتهم وردود فعلهم، إذا قبلت بشيء صغير، فمن المرجح أن توافق أيضًا على الطلبات الأكبر المتعلقة به.
3. السلطة والسيطرة: الناس يميلون إلى الاستجابة للأشخاص الذين يعتبرونهم خبراء أو في موقع سلطة.
4. الإعجاب: الناس يميلون إلى التأثر أو الاستجابة للأشخاص الذين يعجبون بهم.
5. التأكيد الاجتماعي: الناس يميلون إلى القيام بالأشياء التي يرون الآخرين يقومون بها. نحن نتبع الغالبية عادةً.
6. الندرة: الأشياء التي تبدو نادرة أو صعبة الحصول عليها تبدو أكثر قيمة للناس.
هذه المبادئ الستة توفر نظرة ثاقبة على كيف يعمل عقلنا البشري وكيف نستجيب للتأثيرات المختلفة في حياتنا اليومية. ولكنها ليست مجرد قواعد- فهي أيضًا تقنيات قد تساعد القراء على تحسين قدراتهم على الإقناع.
تأثير القواعد الستة
وفي القراءة يبدأ سيالديني الكتاب بتعريف القراء بالنفس البشرية وكيف يمكن تأثير القواعد الستة على تصرفات الأفراد. ويقدم مجموعة من الأمثلة الحياتية والتجارب العلمية لإثبات صحة نظرياته.
يقدم سيالديني أيضاً التحذيرات اللازمة حول كيفية استخدام هذه المبادئ بشكل غير أخلاقي، ويشجع القراء على استخدام هذه المبادئ بطرق تساهم في تعزيز العلاقات الايجابية والسلوك الأخلاقي.
إن الفهم العميق لهذه المبادئ يمكن أن يساعد القراء على تحقيق النجاح في مجالات مختلفة من حياتهم، بدءًا من العلاقات الشخصية وصولاً إلى المفاوضات التجارية. ولكن أكثر من ذلك، فإن فهم هذه المبادئ يمكن أن يمنح القراء القدرة على تقييم الأساليب المستخدمة للتأثير عليهم، وبالتالي يمكنهم الحفاظ على تحكم أكبر في قراراتهم وردود أفعالهم.).
ربما هنا يحق لنا القول فعلا إن مدرسة الحياة الاجتماعية هي التي تقدم مفاتيح الكثير من العلوم النفسية والاجتماعية ونأخذ بيد الباحثين إلى قوننة الكثير من الأقوال التي لا تقف عند عمقها النفسي لكنها فعلاً أساس للعلوم الاجتماعية والنفسية.