الثورة -علاء الدين محمد:
تصنع من العدم كل شيء جميل.. تفهمك من دون كلام بحركاتك وسكناتك.. تساعدك من دون طلب.. تعطيك أغلى ما تملك من دون شروط أو قيود ولا حتى انتظار ..بكل سعادة وحب.
حرارة حبها وعطر أنفاسها معشش في حنايا روحك.
إنها الأم التي تكرم ليوم واحد في العام في ٢١ آذار ، بينما تقضي باقي أيام العام وهي تحاول أن تكرمك وتعبد الطريق أمامك، وتزيل من طريقك كل العوائق بعملها وتعبها وحكمتها وصبرها الذي لاينفد لتكون عزيزاً مصاناً.
دائماً تحاول حل تعقيداتك بكل ما أوتيت من حب وقوة وصبر، وتكافح لتكون أنت الأفضل والأنجح والأسعد، فلا أقل من يوم لتذكير من تعود على تلقي كل هذا العطاء من الأبناء بتكريم هذا المخلوق الذي يحاول كسر كل قوانين الطبيعة كي يكون أولاده بخير.
بالتالي هي بحاجة لأن تشعر بقليل من الامتنان والحب، لأنها كائن فطر على الحب، والأقدر على إعطائه.
وليس تطرفاً ولا تعصباً إذا ما خصصنا هنا الأم السورية التي أصبحت مثالاً يحتذى به لكل نساء العالم، سواء بتاريخها النضالي الكبير ، أم بعطائها وتميزها أم بصمودها في الحرب القذرة الأخيرة على بلدنا…
حيث عانت منذ الأزل ولا تزال تعاني بصمت، بل نكاد نجزم أنها المضحي الأول والأكبر في الحروب والأزمات إضافة إلى مشاركتها في كثير من الأحيان جنباً إلى جنب مع الرجل، وهي أكثر من يحمل وزر تلك الحروب من تهجير وقمع وفقد وحزن، فهي إن لم تصب بأذى جسدي هناك أذى نفسي جراء مصاب زوجها أو فقده أو فقد واحد أو أكثر من أبنائها أو الاثنين معاً، لذا هي المضحي الأول دوماً.. بالإضافة إلى نزوحها بعيداً عن وطنها ومنزلها وصبرها لسنوات طويلة بكل ما أوتيت من قوة وحكمة.
فهي من تصنع رغيف الخبز من اللاشيء وتنشر الدفء بوجودها أينما حلت.. فإذا كان الرجل يحمل على كاهله عائلته فهي تحمل الاثنين معا، وتحمل الوطن في قلبها وروحها.
بوجودها يهون كل صعب عسير ، وفي غيابها تخبو الأضواء والهمم وتتشابه الألوان ويخبت وهجها وألقها .
كل عام وأمهات الوطن بخير والرحمة والخلود لروح أمي والأمهات السوريات اللواتي تفانين في سبيل أبنائهن والوطن.