الثورة- ثناء أبو دقن:
حياكة البسط حكاية كلّ بيت.. حكاية أيام زمان عندما كانت حياتنا بسيطة وهادئة والزمن يسري فيها ببطء وليونة وكانت تقاليدنا وعاداتنا وأعرافنا الجميلة تسود علاقاتنا وتعاملات الناس مع بعضها.
أيام زمان كانت المرأة السورية مدبرة واقتصادية في بيتها تتدبرأمورها وتحاول أن تستفيد من كلّ شيء في خدمة بيتها والاهتمام بأسرتها، فإذا ما وجد عندها بعض الثياب والأقمشة القديمة التي لا يمكن الاستفادة منها في اللبس فإنها تعمد إلى قص تلك الأقمشة على هيئة أشرطة قماشية أو ما يسمى “كتكت” وتأخذها إلى حائك في الحارة أو في القرية والمدينة، ليحيكها ويعمل منها بسط صغيرة ملونة جميلة تفرش في غرفة المعيشة أو غرفة “القعدة” وتستخدم بسط قعدة للسيران ومشاوير شم الهواء، وبالتالي تكون قد استفادت من تلك الثياب البالية وأضافت لبيتها بعضاً من التجديد بأقل التكاليف.
تنمية مستدامة
تلك البسط الملونة تختصر حكاية من (الدربة) والحكمة لأمهاتنا في تسيير شؤون البيت وإنه عنوان للاقتصاد والاهتمام بالبيئة والتنمية المستدامة بلغة العصر الحالي.
بساط “الشراطيط” كما يسمى بالعامية.. قصة اجتماع الأم والجدة والأولاد والجيران (لقصقصة الثياب القديمة) حيث تدور بينهم كؤوس الشاي وأخبار الحارة كلها.
حسن التدبير
اليوم وبعد تلك السنوات ما زالت المرأة السورية تعمل من أجل تأمين المعيشة لأسرتها وتحتال على الظروف والغلاء وضيق العيش لإدارة المنزل وتدبر شؤونها وتحضير الطعام بأقل التكاليف، فهنالك سيدات استغنين عن اللحمة في عجينة الكبة بأرغفة الخبر البائت المبلل وهناك سيدات استعاضت بالخضار المشوية على الفحم مع القليل من الدهنة لإطفاء النكهة المميزة للحم المشوي، وأخريات قمن بصناعة الأجبان والألبان في المنزل للتوفير بعد ارتفاع أثمانها في السوق.
وقصص كثيرة تروى عن محاولات السيدة السورية في التأقلم مع الظروف والالتفاف عليها بشتى الطرق والوسائل والسنوات التي مضت أثبتت قدرتها على العطاء والتميز.