الثورة – حمص – سهيلة إسماعيل:
يستعير المخرج والممثل المسرحي سامر ابراهيم ” أبو ليلى” عنواناً لعرضه المسرحي الذي قدمته فرقة المسرح العمالي في يوم المسرح العالمي بالمركز الثقافي, عبارة نعرفها ونحفظها عن ظهر قلب وهي: “أهدي سلامي ..” كانت تقال في برنامج إذاعي على لسان فلسطينيين مهجرين يهدون سلامهم إلى أهلهم وأحبتهم في فلسطين المحتلة وتتمتها تقول : (وإننا العائدون)، والمسرحية مأخوذة من نصوص الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني: ” “الرجل الذي لم يمت”, “منتصف أيار” , ” العروس” و” شيء لا يذهب”.
تدور أحداث العرض المسرحي حول قصة الفدائي الفلسطيني الخال حمدان الذي جسد شخصيته القدير “أبو ليلى” في قرية فلسطينية تعرضت لهمجية العدو الصهيوني, والخال حمدان المدافع عن أرضه يفقد أداة مقاومته وهي بارودته “مرتينته”, فاعتبرها كعروس جميلة ظل مشغولاً بالبحث عنها طيلة حياته لأنها وكما قال : “وحدها من كانت تستطيع حمله إلى شاطئ موت شريف ” .
تضمن العرض المسرحي عدة لوحات استعرضت تاريخ القضية الفلسطينية منذ نكبة 1948. قدمها الفنان “أبو ليلى” مع مجموعة من شباب أظهروا إتقاناً وموهبة عالييْن مع أن غالبيتهم يعتلي الخشبة لأول مرة.
” أهدي سلامي” عرض ممتع قُدم باحترافية عالية وصلت حد تماهي الممثلين مع الشخصيات المقتبسة, لتتحول الأحداث إلى واقع عاشه الإنسان الفلسطيني بكل أشكال الظلم والقسوة والوحشية المفروضة من قبل محتل غاشم, وبكل عنفوان وتضحيات شعب لم ولن يرضى غير العودة لأنها من حقه, ولم ينسَ معد ومخرج العمل عملية الربط بين الماضي والحاضر من خلال استعراض تاريخ المقاومة الفلسطينية وصولاً إلى عملية “طوفان الأقصى” وما يحدث في قطاع غزة.
ثمة قضية أخرى أعطت العرض قيمة مضافة وكانت بمثابة توثيق معرفي تراثي, وهي اختيار الأغاني الفلسطينية المرافقة للوحات العرض بصوت الفنانة الفلسطينية سناء موسى . فكان لكل مشهد من مشاهد العرض أغنيته التراثية المناسبة , وقد استغرق هذا الموضوع وقتا وجهدا كبيريْن وفق ما ذكر ” أبو ليلى” من خلال العودة إلى التراث الفلسطيني الغني والبحث فيه لاختيار ما يناسب العرض .
هنا يصعد النخل والياسمين
وقامات آبائنا الطيبين
وأجدادنا في الثرى ساجدين
ونحن على خطوهم سائرين
وإذا أجهد الدهر منا الجبين
مددنا له صدرنا طائعين
لتبقى البلاد على عهدها
وتلقي لنا كل صبح سعد
أحب بلادي كما لا يحب بلادي أحد
وهكذا أهدى سامر ابراهيم والفرقة المسرحية سلامهم إلى إخوانهم في فلسطين المحتلة وأكدوا تجدد الأمل بـ “وإننا العائدون” في يوم مميز وهو اليوم العالمي للمسرح، ليكون الاحتفاء به عبارة عن لوحة فلسطينية بتوقيع سوري.